أخبار الحارث بن وعلة
  وصاح بها، فتجري وهو يجاريها، فإذا أعيا وثب فركبها، حتى نجا. فسأل عنه قيس، فعرف أنه وعلة الجرمي، فانصرف وتركه، فقال وعلة في ذلك:
  /
  فدى لكما رحليّ أمّي وخالتي ... غداة الكلاب إذ تحزّ(١) الدّوابر
  / نجوت نجاء لم ير الناس مثله ... كأنّي عقاب عند تيمن(٢) كاسر
  ولما رأيت الخيل تدعو مقاعسا ... تنازعني من ثغرة النحر جائر
  فإن أستطع لا تلتبس بي مقاعس ... ولا يرني ميدنهم والمحاضر(٣)
  ولا تك لي جرّارة مضريّة ... إذا ما غدت قوت العيال تبادر(٤)
  أما قوله: «تحز الدوابر» فإن أهل اليمن لما انهزموا قال قيس بن عاصم لقومه: لا تشتغلوا بأسرهم فيفوتكم أكثرهم، ولكن اتّبعوا المنهزمين، فجزّوا أعصابهم من أعقابهم ودعوهم في مواضعهم، فإذا لم يبق أحد رجعتم إليهم، فأخذتموهم. ففعلوا ذلك، وأهل اليمن يومئذ ثمانية آلاف عليهم أربعة أملاك يقال لهم: اليزيدون(٥)، وهم يزيد بن عبد المدان، ويزيد بن هوبر، ويزيد بن المأمور(٦) ويزيد بن مخزّم(٧). هؤلاء الأربعة اليزيدون، والخامس عبد يغوث بن وقّاص، فقتل اليزيدون أربعتهم في الوقعة، وأسر عبد يغوث بن وقاص، فقتلته(٨) الرّباب برجل منها، وقد ذكر خبر مقتله متقدما في صوت يغني فيه وهو:
  ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا
  / وأما قوله:
  ولما رأيت الخيل تدعو مقاعسا
  فإن بني تميم لما التقت مع بني الحارث بن كعب في هذا اليوم تداعت تميم في المعمعة يا آل كعب! فتنادى أهل اليمن: يا آل كعب! فتنادوا: يا آل الحارث! فتنادى أهل اليمن! يا آل الحارث! فتنادوا: يا آل مقاعس! وتميزوا بها من أهل اليمن.
  صوت
  واللَّه لا نظرت عيني إليك ولو ... سالت مساربها شوقا إليك دما
  إن كنت خنت ولم أضمر خيانتكم ... فاللَّه يأخذ ممن خان أو ظلما
(١) في س، ب: «تحف».
(٢) تيمن: أرض بين بلاد تميم ونجران.
(٣) كذا في ف، وفي س، ب: ونبتئس وميدانهم والمبدى والمحضر، مكان أريد منه الحالون أي البادون والحاضرون.
(٤) كذا في العقد، وفي س، ف: «جرادة» وفي ف: «حدادة» والمراد ولا تك في كتيبة يثقل عليه لكثرتها.
(٥) وفي هج وهد: «اليزيديون» بياء النسب.
(٦) كذا في ف وفي س، ب: «المأمون».
(٧) كذا في ف وكتب الأنساب وفي س، ب: «المخرم».
(٨) كذا في ف وفي ب، س: «فقتله».