أخبار عتيبة ونسبه
  من جمال، وكانت تعجبه ويهيم بها، فكان أحداث بني تميم، إذا ذكروا العبديّ(١)، قالوا: قال ابن فسوة، وفعل ابن فسوة، فأكثروا عليه من ذلك حتى ملّ فعمل على التحوّل عنهم، وبلغ ذلك عتيبة، فأتاه فطلب إليه أن يقيم، وأن يحتمل اسمه، ويشريه منه ببعير، فلم يفعل، قال: العبديّ: فتحولت عنهم وشاع في الناس أنه قد ابتاع مني وغلب عليه، فأنشأ عتيبة يقول من كلمة له:
  وحوّل مولانا علينا اسم أمه ... ألا ربّ مولى ناقص غير زائد
  ابن عباس ينهره
  أخبرني جعفر بن قدامة قال: حدثنا أحمد بن الحارث قال: حدثنا المدائنيّ عن أبي بكر الهذلي وابن دأب وابن جعدبة(٢)، قالوا:
  أتى عتيبة بن مرداس - وهو ابن فسوة - عبد اللَّه بن العباس @ وهو عامل لعليّ بن أبي طالب ~ على البصرة، وتحته يومئذ شميلة بنت جنادة بن بنت أبي أزهر الزهرانية، وكانت قبله تحت مجاشع ابن مسعود السّلميّ، / فأستأذن عليه، فأذن له، وكان لا يزال يأتي أمراء البصرة فيمدحهم، فيعطونه، ويخافون لسانه، فلما دخل على ابن عباس قال له: ما جاء بك إليّ يا بن فسوة؟ فقال له: وهل عنك مقصر أو وراءك معديّ؟
  جئتك لتعينني على مروءتي، وتصل قرابتي، فقال له / ابن عباس: وما مروءة من يعصي الرحمن ويقول البهتان ويقطع ما أمر اللَّه به أن يوصل؟ واللَّه لئن أعطيتك لأعيننّك على الكفر والعصيان، انطلق فأنا أقسهم باللَّه لئن بلغني أنك هجوت أحدا من العرب لأقطعنّ لسانك. فأراد الكلام، فمنعه من حضر، وحبسه يومه ذلك، ثم أخرجه عن البصرة.
  الحسن وابن جعفر يصلانه خشية لسانه
  فوفد إلى المدينة بعد مقتل عليّ #، فلقي الحسن بن عليّ @، وعبد اللَّه بن جعفر @، فسألاه عن خبره مع ابن عباس # فأخبرهما، فاشتريا عرضه بما أرضاه، فقال عتيبة يمدح الحسن وابن جعفر @ ويلوم ابن عباس ®؛
  أتيت ابن عباس فلم يقض حاجتي ... ولم يرج معروفي ولم يخشى منكري
  حبست فلم أنطق بعذر لحاجة ... وسدّ(٣) خصاص(٤) البيت من كل منظر
  وجئت وأصوات الخصوم وراءه ... كصوت الحمام في القليب المغوّر(٥)
  وما أنا إذا زاحمت مصراع بابه ... بذي صولة ضار(٦)، ولا بحزوّر(٧)
(١) كذا في ب، وهو النسب الفصيح إذ المركب الإضافي ينصب إلى صدره إلا إن ألبس ولا ينسب إلى الجزأين معا للثقل. وفي ف:
«للعبقي».
(٢) كذا في ف، وفي س، ب: «جعدية» تحريف.
(٣) كذا في ف، وفي س، ب: شد، وهو تحريف.
(٤) خصاص الباب: ثقبه.
(٥) القليب: البئر البعيدة الغور.
(٦) كذا في ف، وفي س، ب: «باق»، ولا معنى لها، وفي هد: «فان».
(٧) حزور: رجل قوي.