أخبار عتيبة ونسبه
  العراق وأشراف الناس، فيصيب منهم بشعره، فقدم على ابن عامر بن كريز(١) - وكان جوادا - فلما / استؤذن له عليه أرسل إليه: إنك واللَّه ما تسأل بحسب ولا دين ولا منزلة، وما أرى لرجل من قريش أن يعطيك شيئا، وأمر به فلكز وأهين فقال ابن فسوة:
  وكائن تخطَّت ناقتي وزميلها ... إلى ابن كريز من نحوس وأسعد
  وأغبر مسحول(٢) التراب ترى له ... حيا(٣) طردته الريح من كل مطرد
  لعمرك إني عند باب ابن عامر ... لكالظبّي عند(٤) الرّمية المتردّد
  فلم أر يوما مثله إذ(٥) تكشّفت ... ضبابته عنّي ولمّا أقيّد
  ثم يطيب خاطر
  فبلغ قوله ابن عامر، فخاف لسانه وما يأتي به بعد هذا ورجع له، وأحسن / القوم رفده، وقالوا: هذا شاعر فارس وشيخ من شيوخ قومه واليسير يرضيه، فقال: ردّوه فردّ، فقال له: إيه يا عتيبة، أردد عليّ ما قلت، فقال: ما قلت إلا خيرا قال: هاته فقال: قلت:
  أتعرف رسم الدار من أم معبد ... نعم فرماك الشوق قبل التجلَّد(٦)
  فيا لك من شوق ويا لك عبرة ... سوابقها مثل الجمان المبدّد
  وكائن تخطت ناقتي وزميلها ... إلى ابن كريز من نحوس وأسعد
  فتى يشتري حسن الثنّاء بماله ... ويعلم أنّ المرء غير مخلَّد
  إذا ما ملمّات الأمور اعترينه(٧) ... تجلَّى الدّجى عن كوكب متوقّد
  فتبسم ابن عامر وقال: لعمري ما هكذا قلت، ولكنه قول مستأنف، وأعطاه حتى رضي وانصرف.
  ابن الأعرابي يستحسن أبياتا له
  قال: وأنشدنا ابن الأعرابيّ له بعقب هذا الخبر، وكان يستحسن هذه الأبيات ويستجيدها:
  منعّمة لم يغذها أهل بلدة(٨) ... ولا أهل مصر فهي هيفاء ناهد
  فريعت فلم تخبا(٩) ولكن تأوّدت ... كما انتصّ(١٠) مكحول المدامع فارد
(١) في هد: «عامر بن الكريز» بدل «ابن عامر بن كريز».
(٢) مسحول: ناعم.
(٣) كذا في ف بمعنى مطر، وفي س، ب: «خبا».
(٤) كذا في ف وفي س، ب: «بعد».
(٥) كذا في ف وفي س وب: «أن».
(٦) ورد هذا المطلع في دالية عدي بن زيد المعدودة في المجمهرات بنصه.
(٧) في س، ب: «اعتلينه».
(٨) في س، ب: «ثلة».
(٩) في س، ب: تحيي.
(١٠) كذا في ف، وفي س، ب: أبنص وهو تحريف. انتص: سار.