أخبار حنين الحيري ونسبه
  عمره ونسبه
  وقال وكيع في خبره عن إسحاق حدّثني أبو بشر الفزاريّ قال حدّثني بشر بن الحسين بن سليمان بن سمرة بن جندب قال:
  عاش حنين بن بلوع مائة سنة وسبع سنين، وكان يقال أنه من جديس؛ قال وقيل أيضا: إنه من لخم، وكان هو يزعم أنه عباديّ وأخواله من بني الحارث بن كعب.
  غنى حفيده لأبي إسحاق إبراهيم بن المهديّ وقص عليه خبر جده مع ابن سريج
  أخبرني رضوان بن أحمد الصّيدلانيّ قال حدّثنا يوسف بن إبراهيم قال حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن المهديّ قال:
  كنت مع الرشيد في السنة التي نزل فيها على عون العباديّ، فأتاني عون بابن ابن حنين بن بلوع، وهو شيخ، / فغنّاني عدّة أصوات لجدّه، فما استحسنتها، لأنّ الشيخ كان مشوّه(١) الخلق، طنّ الغناء(٢)، قليل الحلاوة، إلا أنه كان لا يفارق عمود الصوت أبدا حتى يفرغ منه، فغنّاني صوت ابن سريج:
  فتركته جزر(٣) السّباع ينشنه(٤) ... ما بين قلَّة رأسه والمعصم
  فما أذكر أني سمعته من أحد قطَّ أحسن مما سمعته منه، فقلت له: لقد أحسنت في هذا الصوت، وما هو من أغاني جدّك، وإني لأعجب من ذلك! فقال لي الشيخ: والصليب والقربان ما صنع هذا الصوت إلا في منزلنا وفي سرداب لجدّي، ولقد كاد أن يأتي على نفس عمتي؛ فسألته عن الخبر في ذلك فقال:
  ضافه ابن سريج متنكرا فأكرمه ثم بالغ في إكرامه لما عرفه
  حدّثني أبي أن عبيد(٥) بن سريج قدم الحيرة ومعه ثلاثمائة دينار. فأتى بها منزلنا في ولاية بشر بن مروان الكوفة، وقال: أنا رجل من أهل الحجاز من أهل مكة، بلغني طيب الحيرة وجودة خمرها وحسن غنائك في هذا الشعر:
  حنتني حانيات الدهر حتّى ... كأنّي خاتل يدنو(٦) لصيد
  قريب الخطو يحسب من رآني ... ولست مقيّدا أنّي بقيد
  / فخرجت بهذه الدنانير لأنفقها معك وعندك ونتعاشر حتى تنفد وأنصرف إلى منزلي. فسأله جدّي عن اسمه
(١) في أ، م، ء، ط: «مشنيّ الخلق». وفي ح: «مشتّو الخلق». ومشتّو الخلق: مكروهه. وقد ورد في هذا الوصف: مشنوء (بالهمز) ومشنوء ومشنىّ.
(٢) طن الغناء: يدل السياق على أنه وصف من الطنين وهو صوت الشيء الصلب كالنحاس وغيره. ولم نجد هذه الصيغة من هذه المادة في «كتب اللغة» التي بأيدينا ولعله طان الغناء اسم فاعل من طنّ. وفيء، أ، م، ط: «كزّ الغناء».
(٣) جزر السباع: اللحم الذي تأكله، يقال: تركوهم جزرا بالتحريك إذا قتلوهم وقطعوهم إربا إربا وجعلوهم معرّضين للسباع والطير.
(٤) ينشته: يتناوله.
(٥) كذا في ط. وفي سائر النسخ: «عبيد اللَّه» انظر الحاشية رقم ٣ ص ٢٤٨ من الجزء الأوّل طبعة دار الكتب.
(٦) في ط: «أدنو».