أخبار أبي حزابة ونسبه
  ثم يقف؛ فلا يصل إليه
  فلما أكثر عليه قومه، وعنّفوه في تأخره أتى يزيد بن معاوية، فأقام ببابه شهرا لا يصل إليه فرجع، وقال: واللَّه لا يراني ما حملت عيناي(١) الماء إلا أسيرا أو قتيلا، وأنشأ يقول:
  فو اللَّه لا آتي يزيد ولو حوت ... أنامله ما بين شرق إلى غرب
  لأنّ يزيدا غيّر اللَّه ما به ... جنوح إلى السّوءى مصرّ على الذنب
  فقل لبني حرب تقوا اللَّه وحده ... ولا تسعدوه(٢) في البطالة واللعب
  ولا تأمنوا التغيير إن دام فعله ... ولم ينهه عن ذاك شيخ بني حرب
  / أيشربها صرفا إذا الليل جنّه ... معتّقة كالمسك تختال في العلب(٣)
  ويلحى عليها شاربيها وقلبه ... يهيم بها إن غاب يوما عن الشّرب(٤)
  يرهن سرجه ليبيت
  أخبرني حبيب بن نصر المهلبيّ قال: حدثنا عمر بن شبّة، عن المدائني قال:
  لما خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث على الحجّاج، وكان(٥) معه أبو حزابة فمروا بدستبى(٦) وبها مستراد(٧) الصّنّاجة(٨)، وكانت لا يبيت بها أحد إلا بمائة درهم، فبات بها أبو حزابة ورهن عندها سرجه، فلما أصبح وقف لعبد الرحمن، فلما أقبل صاح به وقال:
  /
  أمر عضال نابني في العجّ(٩) ... كأنني مطالب بخرج
  ومستراد ذهبت(١٠) بالسّرج ... في فتنة الناس وهذا الهرج
  فعرف ابن الأشعث القصّة، وضحك، وأمر بأن يفتكّ له سرجه، ويعطى معه ألف درهم، وبلغت القصة الحجاج فقال: أيجاهر في عسكره بالفجور فيضحك، ولا ينكر(١١)! ظفرت به إن شاء اللَّه.
  لا يثيبه على المدح فيهجوه
  أخبرني عمّي، قال حدثنا الكرانيّ عن العمريّ، عن العتبي قال:
(١) كذا في ف وفي س، ب: «عيني»، العبارة كناية عن الإبصار.
(٢) في ب: ولا تستعدوه، وهو تحريف.
(٣) ب، س: «القلب».
(٤) الشرب: جماعة الشاربين، اسم جمع شارب كصاحب.
(٥) لعل من الصواب حذف الواو لتكون «كان» جواب لما.
(٦) دستبي: كورة كبيرة تشمل قرى كانت مقسومة بين الري وهمذان.
(٧) مستراد: موضع كمراد، الأول من استراد والثاني من أراد، ويبدو؛ أنه كان مثابة للهو والعبث كما يبدو من كلام الحجاج.
(٨) الصناجة: اللاعبون بالأوتار أو المغنون.
(٩) العج: الصياح والضوضاء.
(١٠) في هد؛ ف: «رهنت» بدل «ذهبت».
(١١) في هد: «ولا يبكي» بدل «ولا ينكر».