كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النمر بن تولب ونسبه

صفحة 462 - الجزء 22

  ثم اضرب به أثناءها⁣(⁣١) من خلفها - تريد عراقبيها - وقد أثبتّها للبروك، وهي أربعة أعظم، قال: فأخذت السيف ثم مضيت نحوها، فضربت عراقيبها فقطعتها - واللَّه - أربعتها، وسبقني السيف، فدخل في الأرض، فأشفقت عليه أن ينكسر إن اجتذبته فحفرت عنه، حتى استخرجته، قال: فذكرت حينئذ قول النمر بن تولب:

  /

  أبقى الحوادث والأيام من نمر ... أسباد⁣(⁣٢) سيف كريم أثره بادي

  تظلّ تحفر عنه الأرض مندفعا ... بعد الذراعين والقيدين والهادي⁣(⁣٣)

  ويروى:

  تظلّ تحفر عنه إن ظفرت به

  يشكو المشيب

  أخبرني عليّ بن صالح بن الهيثم قال حدثنا عمر بن شبّة قال: أخبرني أحمد بن معاوية الباهليّ، عن أبي عبيدة قال:

  قيل للنمر بن تولب كيف أصبحت يا أبا ربيعة؟ فأنشأ يقول:

  أصبحت لا يحمل بعضي بعضا ... أشكو العروق الآبضات⁣(⁣٤) أبضا

  كما تشكَّى الأرحبيّ⁣(⁣٥) الغرضا ... كأنما كان شبابي قرضا

  من توسلاته

  أخبرني هاشم بن محمد أبو دلف الخزاعيّ قال: حدثنا الرياشيّ عن الأصمعيّ قال: أنشدني حماد بن الأخطل ابن النمر بن تولب لجدّه:

  أعذني ربّ من حصر وعيّ ... ومن نفس أعالجها علاجا

  ومن حاجات نفس فاعصمنّي ... فإن لمضمرات النفس حاجا

  فأنت وليّها وبرئت منها ... إليك فما قضيت فلا خلاجا⁣(⁣٦)

  عود إلى فتوته

  ثم قال: كان النمر أفتى خلق اللَّه، فقلت: وما كانت فتوّته؟ قال: أوليس فتى من يقول:

  أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فواحزنا من ذا يهيم بها بعدي؟


(١) أثناءها: جمع ثنى بمعنى مثنى (ثنيات).

(٢) أسباد: مفرده ككتف، ومعناها بقية.

(٣) الهادي: العنق وجمعه هواد.

(٤) الآبضات: الشادات.

(٥) الأرحبي: كريم الفحول المنسوبة إلى قبيلة أرحب، وأرحب أيضا مخلاف باليمن منسوب إلى أرحب، وهو مرة بن دعام بن مالك، والغرض: حزام الرحل جمعه غروض وأغراض، وفي س، ب: «الأرجي القرضا» تخريف.

(٦) خلاجا: نزاعا وشكا.