أخبار النمر بن تولب ونسبه
  ثم اضرب به أثناءها(١) من خلفها - تريد عراقبيها - وقد أثبتّها للبروك، وهي أربعة أعظم، قال: فأخذت السيف ثم مضيت نحوها، فضربت عراقيبها فقطعتها - واللَّه - أربعتها، وسبقني السيف، فدخل في الأرض، فأشفقت عليه أن ينكسر إن اجتذبته فحفرت عنه، حتى استخرجته، قال: فذكرت حينئذ قول النمر بن تولب:
  /
  أبقى الحوادث والأيام من نمر ... أسباد(٢) سيف كريم أثره بادي
  تظلّ تحفر عنه الأرض مندفعا ... بعد الذراعين والقيدين والهادي(٣)
  ويروى:
  تظلّ تحفر عنه إن ظفرت به
  يشكو المشيب
  أخبرني عليّ بن صالح بن الهيثم قال حدثنا عمر بن شبّة قال: أخبرني أحمد بن معاوية الباهليّ، عن أبي عبيدة قال:
  قيل للنمر بن تولب كيف أصبحت يا أبا ربيعة؟ فأنشأ يقول:
  أصبحت لا يحمل بعضي بعضا ... أشكو العروق الآبضات(٤) أبضا
  كما تشكَّى الأرحبيّ(٥) الغرضا ... كأنما كان شبابي قرضا
  من توسلاته
  أخبرني هاشم بن محمد أبو دلف الخزاعيّ قال: حدثنا الرياشيّ عن الأصمعيّ قال: أنشدني حماد بن الأخطل ابن النمر بن تولب لجدّه:
  أعذني ربّ من حصر وعيّ ... ومن نفس أعالجها علاجا
  ومن حاجات نفس فاعصمنّي ... فإن لمضمرات النفس حاجا
  فأنت وليّها وبرئت منها ... إليك فما قضيت فلا خلاجا(٦)
  عود إلى فتوته
  ثم قال: كان النمر أفتى خلق اللَّه، فقلت: وما كانت فتوّته؟ قال: أوليس فتى من يقول:
  أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فواحزنا من ذا يهيم بها بعدي؟
(١) أثناءها: جمع ثنى بمعنى مثنى (ثنيات).
(٢) أسباد: مفرده ككتف، ومعناها بقية.
(٣) الهادي: العنق وجمعه هواد.
(٤) الآبضات: الشادات.
(٥) الأرحبي: كريم الفحول المنسوبة إلى قبيلة أرحب، وأرحب أيضا مخلاف باليمن منسوب إلى أرحب، وهو مرة بن دعام بن مالك، والغرض: حزام الرحل جمعه غروض وأغراض، وفي س، ب: «الأرجي القرضا» تخريف.
(٦) خلاجا: نزاعا وشكا.