أخبار مالك بن الريب ونسبه
  ودعي أن تقطَّعي الآن قلبي ... أو تريني في رحلتي تعذيبا
  / أنا في قبضة الإله إذا كن ... ت بعيدا أو كنت منك قريبا
  كم رأينا امرأ أتى من بعيد ... ومقيما على الفراش أصيبا
  فدعيني من انتحابك إني ... لا أبالي إذا اعتزمت النّحيبا
  حسبي اللَّه ثم قرّبت للسّ ... ير علاة(١) أنجب بها مركوبا
  يتشرد من أجل ضرطة
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال: حدثنا دماذ عن أبي عبيدة قال:
  كان سبب خروج مالك بن الريب إلى خراسان واكتتابه مع سعيد بن عثمان، هربا من ضرطة، فسألته كيف كان ذلك؟ قال: مرّ مالك بليلى الأخيليلة، فجلس إليها يحادثها طويلا، وأنشدها. فأقبلت عليه، وأعجبت به حتى طمع في وصلها، ثم إذا هو بفتى قد جاء إليها، كأنه نصل سيف، فجلس إليها، فأعرضت عن مالك وتهاونت به، حتى كأنه عندها عصفور، وأقبلت على صاحبها مليّا من نهارها، فغاظه ذلك من فعلها، وأقبل على الرجل، فقال: من أنت؟ فقال: توبة بن الحميّر، فقال: هل لك في المصارعة؟ قال: وما دعاك إلى ذلك وأنت ضيفنا وجارنا؟ قال: لا بدّ منه، فظنّ أن ذلك لخوفه منه، فازداد لجاجا، فقام توبة فصارعه، فلما سقط مالك إلى الأرض ضرط ضرطة هائلة، فضحكت ليلى منه. واستحيا مالك، فاكتتب بخراسان وقال: لا أقيم في بلد العرب أبدا، وقد تحدّثت عني بهذا الحديث، فلم يزل بخراسان حتى مات، فقبره هناك معروف.
  يتحدث مع أصحابه ويتذاكرون ماضيهم في السرقة
  وقال المدائنيّ، وحدثني أبو الهيثم: قال:
  اجتمع مالك بن الريب وأبو حردبة وشظاظ يوما، فقالوا: تعالوا نتحدّث بأعجب ما عملناه في سرقتنا، فقال أبو حردبة: أعجب ما صنعت، وأعجب ما سرقت أني صحبت / رفقة فيها رجل على رحل، فأعجبني، فقلت لصاحبي، واللَّه لأسرقنّ رحله، ثم لا رضيت أو آخذ عليه جعالة، فرمقته، حتى رأيته قد خفق برأسه، فأخذت بخطام جمله، فقدته، وعدلت به عن الطريق، حتى إذا صيّرته في مكان لا يغاث فيه / إن استغاث، أنخت البعير وصرعته، فأوثقت يده ورجله، وقدت الجمل، فغيّبته ثم رجعت إلى الرّفقة، وقد فقدوا صاحبهم، فهم يسترجعون، فقلت: مالكم؟ فقالوا: صاحب لنا فقدناه، فقلت: أنا أعلم الناس بأثره، فجعلوا لي جعالة، فخرجت بهم أتبع الأثر، حتى وقفوا عليه، فقالوا: مالك؟ قال: لا أدري، نعست، فانتبهت لخمسين فارسا قد أخذوني، فقاتلتهم، فغلبوني.
  قال أبو حردبة؛ فجعلت أضحك من كذبه، وأعطوني جعالتي، وذهبوا بصاحبهم.
  وأعجب ما سرقت أنه مرّ بي رجل معه ناقة وجمل، وهو على الناقة، فقلت: لآخذنّهما جميعا، فجعلت أعارضه وقد رأيته قد خفق برأسه، فدرت، فأخذت الجمل، فحللته، وسقته، فغيبته في القصيم - وهو الموضع
(١) علاة: ناقة مشرفة.