كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مالك بن الريب ونسبه

صفحة 474 - الجزء 22

  هو كذلك إذ نظر إلى طرف ذنبه وأذنيه، فقال: لعمري لقد حذّرت لو نفعني الحذر، واستمرّ هاربا خوف أن يخسف به، فأخذت جميع ما بقي من رحله فحملته على الحمار، واستمرّ فألحق بأهلي.

  الحجاج يصلب شظاظ

  قال أبو الهيثم: ثم صلب الحجاج رجلا من الشّراة بالبصرة، وراح عشيّا، لينظر إليه، فإذا برجل بإزائه مقبل بوجهه عليه، فدنا منه، فسمعه يقول للمصلوب: طال ما ركبت فأعقب⁣(⁣١)، فقال الحجاج: من هذا؟ قالوا: هذا شظاظ الَّلص قال: لا جرم! واللَّه ليعقبنّك، ثم وقف، وأمر بالمصلوب، فأنزل وصلب شظاظ مكانه.

  مات مالك حتف أنفه

  قال ابن الأعرابي:

  مرض مالك بن الريب عند قفول سعيد بن عثمان من خراسان في طريقه؛ فلما أشرف على الموت تخلَّف معه مرّة الكاتب⁣(⁣٢) ورجل آخر من قومه من بني تميم وهما اللذان يقول فيهما:

  /

  أيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا ... برابية إني مقيم لياليا

  ومات في منزله ذلك، فدفناه، وقبره هناك معروف إلى الآن، وقال قبل موته قصيدته هذه يرثي بها نفسه.

  قال أبو عبيدة: الذي قاله ثلاثة عشر بيتا، والباقي منحول، ولَّده الناس عليه.

  صوت

  فما بيضة بات الظليم يحفّها ... ويرفع عنها جؤجؤا متجافيا

  بأحسن منها يوم قالت: أظاعن⁣(⁣٣) ... مع الرّكب أم ثاو لدينا لياليا؟

  وهبّت شمال آخر الليل قرّة⁣(⁣٤) ... ولا ثوب إلَّا بردها وردائيا

  وما زال بردى طيّبا من ثيابها ... إلى الحول حتى أنهج⁣(⁣٥) الثوب⁣(⁣٦) باليا

  الشعر لعبد بني الحسحاس، والغناء لابن سريج في الأول والثاني من الأبيات ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق، وفي الثالث والرابع لمخارق خفيف ثقيل عمله على صنعة إسحاق في:

  أماويّ إن المال غاد ورائح

  وكاده بذلك ليقال إن لحنه أخذه منه، وألقاه على عجوز عمير، فألقته على الناس، حتى بلغ الرشيد خبره، ثم كشفه فعلم حقيقته، ومن لا يعلم بنسبه إلى غيره، وقد ذكر حبش إنه لإبراهيم، وذكر غيره أنه لابن المكي.

  وقد شرحت هذا الخبر في أخبار إسحاق.


(١) أي أتراك عقبك ومن يخلفك.

(٢) في هد: «الكناني» بدل «الكاتب».

(٣) في رواية الديوان: «أراحل».

(٤) «رواية الديوان»:

«وهبت لنا ريج الشمال بقرة»

وروى أيضا:

«وهبت شمالا آخر الليل قرة»

(٥) أنهج: خلق وبلي.

(٦) في «الديوان»: «البرد» بدل «الثوب».