كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خبر لقيط ونسبه والسبب في قوله الشعر

صفحة 510 - الجزء 22

  فخرج غلام منهم يقال له ثواب بن محجن بإبل لأبيه فلقيته الأعاجم، فقتلوه، وأخذوا الإبل ولقيتهم إياد في آخر النهار، فهزمت الأعاجم.

  قال: وحدثني بعض أهل العلم أن إيادا بيّنت ذلك الجمع حين عبروا شطَّ الفرات الغربيّ، فلم يفلت منهم إلا القليل، وجمعوا به جماجمهم وأجسادهم، فكانت كالتل العظيم، وكان إلى جانبهم دير، فسمّي دير الجماجم، وبلغ كسرى الخبر، فبعث مالك بن حارثة: أحد بني كعب بن زهير بن جشم في آثارهم، ووجّه معه أربعة آلاف⁣(⁣١) من الأساورة. فكتب إليهم لقيط.

  يا دار عمرة من محتلَّها الجرعا ... هاجت لي الهمّ والأحزان والوجعا⁣(⁣٢)

  وفيها يقول - قال الشّرقي بن القطامي أنشدنيها أبو حمزة الثماليّ -:

  يا قوم لا تأمنوا إن كنتم غيرا ... على نسائكم كسرى وما جمعا

  هو الجلاء الذي تبقى مذلَّته ... إن طار طائركم⁣(⁣٣) يوما وإن وقعا

  / هو الفناء الذي يجتثّ أصلكم ... فمن رأى مثل ذا رأيا⁣(⁣٤) ومن سمعا

  فقلَّدوا أمركم للَّه درّكم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا

  لا مترفا إن رخاء⁣(⁣٥) العيش ساعده ... ولا إذا حلّ مكروه به خشعا

  لا يطعم النوم إلا ريث⁣(⁣٦) يبعثه ... همّ يكاد حشاه يقطع الضّلعا

  مسهّد⁣(⁣٧) النوم تعنيه ثغوركم⁣(⁣٨) ... يروم منها إلى الأعداء مطَّلعا

  ما انفكّ يحلب هذا الدهر أشطره ... يكون متّبعا طورا ومتّبعا

  فليس يشغله مال يثمّره ... عنكم ولا ولد يبغى له الرّفعا

  حتى استمرّت⁣(⁣٩) على شزر⁣(⁣١٠) مريرته⁣(⁣١١) ... مستحكم السنّ لاقحما⁣(⁣١٢) ولا ضرعا⁣(⁣١٣)


(١) في هد: «أربعين ألفا».

(٢) في هد، هج: «الجزعا» بدل «الوجعا».

(٣) في س، ب: «طائرهم».

(٤) في س، ب: «يوما».

(٥) في س، ب: «رخى».

(٦) في س، ب: «حيث».

(٧) في س، ب: «مسهر».

(٨) كذا في منتهى الطلب وفي هج س، ب، هد: «أموركم».

(٩) استمرت: استحكمت وقويت.

(١٠) شزر: ما يفتل على غير وجهه، أي يفتل من اليسار.

(١١) المريرة: طاقة الحبل والمراد أنه قوي متين.

(١٢) قحما: شيخا فانيا عجوزا.

(١٣) ضرعا: ضعيفا ذليلا مستكينا.