أخبار خبر لقيط ونسبه والسبب في قوله الشعر
  كمالك بن قنان(١) أو كصاحبه ... زيد القناحين لاقى الحارثين(٢) معا
  إذ عابه عائب يوما فقال له: ... دمّث لجنبك قبل الليل مضطجعا
  / فساوره(٣) فألفوه أخا علل ... في الحرب يختتل الرئبال والسّبعا
  عبل الذراع أبيّا ذا مزابنة ... في الحرب لا عاجزا نكسا ولا ورعا(٤)
  مستنجدا يتحدّى الناس كلَّهم ... لو صارعوه جميعا في الورى صرعا
  هذا كتابي إليكم والنذير لكم ... لمن رأى الرأي بالإبرام قد نصعا
  وقد بذلت لكم نصحي بلا دخل ... فاستيقظوا إنّ خير العلم ما نفعا
  وجعل عنوان الكتاب:
  سلام في الصّحيفة من لقيط ... إلى من بالجزيرة من إياد
  بأن الليث كسرى قد أتاكم ... فلا يحبسكم سوق النّقاد(٥)
  موقعه مرج الأكم
  / قال: وسار مالك بن حارثة التغلبيّ بالأعاجم حتى لقي إيادا، وهم غارّون لم يلتفتوا إلى قول لقيط وتحذيره إياهم ثقة بأن كسرى لا يقدم عليهم. فلقيهم بالجزيرة في موضع يقال له مرج الأكم، فاقتتلوا قتالا شديدا، فظفر بهم، وهزمهم، وأنقذ ما كانوا أصابوا من الأعاجم يوم الفرات، ولحقت إياد بأطراف الشأم ولم تتوسّطها خوفا من غسّان يوم الحارثين، ولاجتماع قضاعة وغسّان في بلد خوفا من أن يصيروا يدا واحدة عليهم، فأقاموا، حتى أمنوا.
  ثم إنهم تطرّفوهم إلى أن لحقوا بقومهم ببلد الروم بناحية أنقرة، ففي ذلك يقول الشاعر:
  حلَّوا بأنقرة يسيل عليهم ... ماء الفرات يجيء من أطواد
  صوت
  اللبين يا ليلى جمالك ترحل ... ليقطع منا البين ما كان يوصل؟
  تعلَّلنا بالوعد ثمّت تلتوي ... بموعودها حتى يموت المعلَّل
  ألم تر أنّ الحبل أصبح واهنا ... وأخلف من ليلى الذي كنت آمل
  فلا الحبل من ليلى يؤاتيك وصله ... ولا أنت تنهى القلب عنها فيذهل
  عروضه من الطويل، الشعر لنصيب الأصغر مولى المهدي، والغناء ليحيى المكيّ خفيف رمل بالبنصر، وكذا نسبته تدلّ عليه.
(١) في س، ب: «سنان».
(٢) يقصد بهما الحارث بن ظالم والحارث بن عوف المريين.
(٣) في س، ب «فثاوروه»، ومعناه واثبوه.
(٤) الورع: الجبان الضعيف.
(٥) النقاد: جنس من الغنم قبيح الشكل مفرده نقد بالتحريك وفي س، ب: «النفاد» وهو تحريف.