أخبار نصيب الأصغر
  طبعت عليها صبغة ثم لم تزل ... على صالح الأخلاق والدين تطبع(١)
  تغابيك عن ذي الذنب ترجو صلاحه ... وأنت ترى ما كان يأتي ويصنع(٢)
  وعفوك عمّن لو تكون جريمة ... لطارت به في الجوّ نكباء زعزع(٣)
  وأنّك لا تنفكّ تنعش عاثرا ... ولم تعترضه حين يكبو ويخمع(٤)
  وحلمك عن ذي الجهل من بعدما جرى ... به عنق من طائش الجهل أشنع(٥)
  ففيهنّ لي إمّا شفعن منافع ... وفي الأربع الأولى إليهنّ أفزع
  / مناصحتي بالفعل إن كنت نائيا ... إذا كان دان منك بالقول يخدع
  / وثانية ظنّي بك الخير غائبا ... وإن قلت عبد ظاهر الغشّ مسبع(٦)
  وثالثة أني على ما هويته ... وإن كثّر الأعداء فيّ وشنّعوا
  ورابعة أنّي إليك يسوقني ... ولائي فمولاك الذي لا يضيّع
  وإني لمولاك الذي إن جفوته ... أتى مستكينا راهبا يتضرّع
  وإني لمولاك الضعيف فأعفني ... فإني لعفو منك أهل وموضع
  المهدي يقبل الشفاعة ويجيزه ويزوجه:
  فقطع المهديّ عليه الإنشاد، ثم قال له: ومن أعتقك يا بن السوداء! فأومأ بيده إلى الهادي، وقال: الأمير موسى يا أمير المؤمنين، فقال المهديّ لموسى: أعتقته يا بنيّ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. فأمضى المهديّ ذلك وأمر بحديده، ففكّ عنه، وخلع عليه عدّة من الخلع الوشي والخزّ والسواد والبياض، ووصله بألفي دينار، وأمر له بجارية يقال لها: جعفرة جميلة فائقة من روقة(٧) الرقيق.
  فقال له سالم قيّم الرقيق: لا أدفعها إليك أو تعطيني ألف درهم، فقال قصيدته:
  أأذن الحيّ فانصاعوا بترحال ... فهاج بينهم شوقي وبلبالي(٨)
  وقام بها بين يدي المهديّ فلما قال:
  ما زلت تبذل لي الأموال مجتهدا ... حتى لأصبحت ذا أهل وذا مال
  زوّجتني يا بن خير الناس جارية ... ما كان أمثالها يهدى لأمثالي
(١) في م: «خلقة» بدل «صبغة».
(٢) في ف: «ذي اللب» بدل «الذنب».
(٣) في س، ب، «جزيته»: بدل «جريمة».
(٤) يخمع: يعرج في المشي، وهو كناية عن التعثر.
(٥) العنق نوع من السير.
(٦) مسبع: خبيث.
(٧) روقه الرقيق: جمع رائقة، أي حسان الرقيق.
(٨) في هج: قد آذن الحي. بدل «أآذن الحي».