كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار نصيب الأصغر

صفحة 8 - الجزء 23

  زوّجتني بضّة بيضاء ناعمة ... كأنّها درّة في كفّ لآل

  / حتى توهّمت أن اللَّه عجّلها ... يا بن الخلائف لي من خير أعمالي

  فسألني سالم ألفا فقلت له ... أنّى لي الألف يا قبّحت من سال!

  (١ أراد: من سائل، كما قالوا: شاكي السلاح وشائك:⁣(⁣١)

  هيهات ألفك إلا أن أجيء بها ... من فضل مولى لطيف المنّ مفضال

  فأمر له المهديّ بألف دينار ولسالم بألف درهم.

  قال ابن أبي سعد وحدّثني غير محمد بن عبد اللَّه: أنه حبس باليمن مدة طويلة، ثم أشخص إلى المهديّ، فقال وهو في الحبس، ودخلت إليه ابنته حجناء، فلما رأت قيوده بكت، فقال:

  بكاؤه حين رأى بنته:

  لقد أصبحت حجناء تبكي لوالد ... بدرّة عين قلّ عنه غناؤها

  أحجناء صبرا، كلّ نفس رهينة ... بموت ومكتوب عليها بلاؤها

  أحجناء أسباب المنايا بمرصد ... فإلَّا يعاجل غدوها فمساؤها

  أحجناء إن أفلت من السجن تلقني ... حتوف منايا لا يردّ قضاؤها

  أحجناء إن أضحى أبوك ودلوه ... تعرّت عرا منها ورثّ رشاؤها⁣(⁣٢)

  لقد كان يدلى في رجال كثيرة ... فيمتح ملأى وهي صفر دلاؤها

  أحجناء إن يصبح أبوك ونفسه ... قليل تمنّيها قصير عزاؤها⁣(⁣٣)

  لقد كان في دنيا تفيّا ظلَّها ... عليه ومجلوب إليه بهاؤها

  قال ابن أبي سعد: ولما دخل نصيب على المهديّ مقيّدا رفده ثمامة بن الوليد العبسيّ / عنده واستعطفه له، وسوّغ عذره عنده، ولم يزل يرقق به، حتى أمر بإطلاقه، وكان نصيب في متقدّم الأيام منقطعا إلى أخيه شيبة فقال فيه:

  يمدح ثمامة العبسي:

  أثمام إنك قد فككت ثماما ... حلقا برين من النّصيب عظاما

  حلقا توسّطها العمود فلزّها ... لولا ثمامة والإله لداما⁣(⁣٤)

  اللَّه أنقذني به من هوّة ... تيهاء مهلكة تكون رجاما


(١) تكملة من هج.

(٢) في م، أ، ف: «يصبح» بدل «أضحى».

(٣) في ف: «الضمير تمنيها طويل عناؤها».

(٤) لزها: ألصقها، وليس من الأدب الجمع بين اللَّه وثمامة وتقديم ثمامة على اللَّه.