أخبار نصيب الأصغر
  فقال النّصيب:
  في سبيل اللَّه أودى فرسي ... ثم علَّلت بأبيات هزج
  كنت أرجو من ربيع فرجا ... فإذا ما عنده لي من فرج
  بيض الدراهم بدل بيض الغواني:
  قال: ثم خرج الرّبيع إلى مكة، وقد كان وعد النّصيب جارية، فلم يعطه، وأمر ابنه أن يدفع إليه ألفي درهم ففعل، فقال النّصيب:
  ألا أبلغا عنّي الربيع رسالة ... ربيع بني عبد المدان الأكارم
  أعزّت عليك البيض لما أرغتها ... فرغت إلى إعداد بيض الدراهم(١)
  ألم تر أني غير مستطرف الغنى ... حديث وأنّي من ذؤابة هاشم؟(٢)
  وأنك لم تهبط من الأرض تلعة ... ولا نجوة إلا بعهدي وخاتمي
  قال: ثم قدم الربيع فأهدى إلى دفافة بن عبد العزيز العبسيّ طبق تمر، فقال فيه دفافة:
  شعر حول طبق تمر:
  بعثت بتمر في طبيق كأنما ... بعثت بياقوت توقّد كالجمر
  فلو أن ما تهدي سنيّا قبلته ... ولكنما أهديت مثلك في القدر
  كأنّ الذي أهديت من بعد شقّة ... إلينا من الملقى على ضفّة الجسر
  فأجابه الربيع فقال:
  سل الناس إما كنت لا بدّ طالبا ... إليهم بألا يحملوك على القدر
  فإنك إن تحمل على القدر لا تنل ... يد الدهر من برّ فتيلا ولا بحر
  / لقد كنت منّي في غدير وروضة ... وفي عسل جمّ وما شئت من خمر(٣)
  وما كنت منّانا ولكن كفرتني ... وأظهرت لي ذمّا فأظهرت من عذري(٤)
  لعمري لقد أعطيت ما لست أهله ... ولا أهل ما يلقى على ضفّة الجسر
  فبلغت أبياتهما نصيبا، فشمت بالربيع، وقال فيه هذه القصيدة:
  رضيتكما حرصا ومنعا ولم يكن ... يهيجكما إلا الحقير من الأمر
  متى يجتمع يوما حريص ومانع ... فليس إلى حمد سبيل ولا أجر
(١) أرغتها: طلبتها، رغت: ملت وحدت.
(٢) كذا في ف، م، أ، وفي س: ب: «مستطرق» بدل «مستطرف».
(٣) كذا في ف وفي س، ب: «تمر» بدل «حمر».
(٤) كذا في ف، وفي س، ب: «زمنا» بدل «ذما».