أخبار نصيب الأصغر
  أحار بن كعب إنّ عبسا تغلغلت ... إلى السير من نجران في طلب التّمر
  فكيف ترى عبسا وعبس حريصة ... إذا طمعت في التّمر من ذلك العبر(١)
  لقد كنتما في التّمر للَّه أنتما ... شبيهين بالملقى على ضفّة الجسر
  يرتجل مطولة في مدح الفضل بن الربيع:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال: حدّثنا محمد بن يزيد النحويّ، قال:
  حدّثت من غير وجه:
  / أنّ النّصيب دخل على الفصل بن يحيى بن خالد مسلَّما، فوجد عنده جماعة من الشعراء قد امتدحوه، فهم ينشدونه، ويأمر لهم بالجوائز، ولم يكن امتدحه، ولا أعدّ له شيئا. فلما فرغوا - وكان يروى(٢) قولا في نفسه - استأذن في الإنشاد، ثم أنشد قصيدته التي أولها قوله:
  يمدح الفضل بن يحيى:
  طرقتك ميّة والمزار شطيب ... وتثيبك الهجران وهي قريب(٣)
  للَّه مية خلَّة لو أنّها ... تجزي الوداد بؤدّها وتثيب
  وكأنّ ميّة حين أتلع جيدها ... رشا أغنّ من الظباء ربيب
  نصفان ما تحت المؤزّر عاتك ... دعص أغرّ وفوق ذاك قضيب(٤)
  ما للمنازل لا تكاد تجيب ... أني يجيبك جندل وجبوب(٥)
  جادتك من سبل الثريا ديمة ... ريّا ومن نوء السّماك ذنوب(٦)
  فلقد عهدت بك الحلال بغبطة ... والدهر غضّ والجناب خصيب
  إذ للشباب عليّ من ورق الصّبا ... ظلّ وإذ غصن الشباب رطيب
  طرب الفؤاد ولات حين تطرّب ... إن الموكَّل بالصّبا لطروب
  وتقول ميّة ما لمثلك والصّبا ... واللون أسود حالك غربيب؟
  شاب الغراب وما أراك تشيب ... وطلابك البيض الحسان عجيب
  أعلاقة أسبابهنّ وإنّما ... أفنان رأسك فلفل وزبيب(٧)
(١) العبر من الشيء: الكثير.
(٢) كذا في النسخ ولعلها: يزور قولا في نفسه، أي يعده ويهيئه.
(٣) كذا في ف، وفي س، ب، هج: «وتنئك بالهجران» وفي «المهذب»: «ونأنك بالهجران».
(٤) العاتك: الخالص من الألوان المحمر من الطيب.
(٥) جبوب: وجه الأرض الصلب.
(٦) كذا في ف وفي س، ب: «ريان من» بدل «ريامن». وفي س، ب: «السماء» بدل: «السماك».
(٧) الأسباب: جمع سبب، والمراد: كيف تهيم بذرات الشعور المرسلة وأنت جعد الشعر!.