كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي شراعة ونسبه

صفحة 29 - الجزء 23

  أحبّ لكم قيس بن عيلان كلَّها ... ويعجبني فرسانها ورجالها

  ومالي لا أهوى بقاء قبيلة ... أبوك لها بدر وأنت هلالها

  / قال: فبعث إليه برسوله الذي حمل إليه النبيذ، واستملحه في شعره، وبصاحب شرابه، وكل ما كان في خزانته من الشرّاب وبثلاثمائة دينار.

  مساجلة حول جارية:

  أخبرني الأخفش عن المبرّد وسوّار بن أبي شراعة جميعا:

  أن أبا الفيّاض سوار بن أبي شراعة كان يهوى قينة بالبصرة يقال لها: مليحة، فدعيت ذات يوم إلى مجلس لم يكن حاضره، وحضر أبو عليّ البصير ذلك المجلس، فجمّشها بعض من حضر، فلم تلتفت إليه، وعرف أبو عليّ ذلك فكتب إلى أبي الفيّاض:

  لك عندي بشارة فاستمعها ... وأجبني عنها أبا الفيّاض

  كنت في مجلس مليحة فيه ... وهي سقم الصّحاح برء المراض

  وقديما عهدتني لست في حقّ ... ك والذبّ عنك ذا إغماض

  فتغفّلتها تغفّل خصم ... وتأملتها تأمّل قاض

  ورمتها العيون من كلّ أفق ... وتشاكوا بالوحي والإيماض

  من كهول وسادة سمحاء ... باللَّها باخلين بالأعراض⁣(⁣١)

  وصفات القيان أولها الغد ... ر عليه في وصلهنّ التّراضي

  فتشوّفت ذاك منها وأعدد ... ت نكيري وسورتي وامتعاضي

  فحمت جانب المزاح وعمّت ... هم جميعا بالصّدّ والإعراض

  وكفاني وفاؤها لك حتّى ... آذن الليل جمعهم بار فضاض

  فأجابه أبو الفيّاض:

  ليت شعري ماذا دعاك إلى أن ... هجت شوقي وزدت في إمراضي؟

  ذكرّتني بشراك داء قديما ... من سقام عليّ لا شك قاضي

  / إن تكن أحسنت مليحة في وص ... لي وعاصت رياضة الرّوّاض

  وأقامت على الوفاء ولم تر ... ع لوحي منهم ولا إيماض

  فعلى صحّة الوفاء تعاقد ... نا وصون النّفوس والأعراض

  وعلينا من العفاف ثياب ... هنّ أبهى من حاليات الرياض


(١) اللها: العطايا.