أخبار أبي شراعة ونسبه
  أحبّ لكم قيس بن عيلان كلَّها ... ويعجبني فرسانها ورجالها
  ومالي لا أهوى بقاء قبيلة ... أبوك لها بدر وأنت هلالها
  / قال: فبعث إليه برسوله الذي حمل إليه النبيذ، واستملحه في شعره، وبصاحب شرابه، وكل ما كان في خزانته من الشرّاب وبثلاثمائة دينار.
  مساجلة حول جارية:
  أخبرني الأخفش عن المبرّد وسوّار بن أبي شراعة جميعا:
  أن أبا الفيّاض سوار بن أبي شراعة كان يهوى قينة بالبصرة يقال لها: مليحة، فدعيت ذات يوم إلى مجلس لم يكن حاضره، وحضر أبو عليّ البصير ذلك المجلس، فجمّشها بعض من حضر، فلم تلتفت إليه، وعرف أبو عليّ ذلك فكتب إلى أبي الفيّاض:
  لك عندي بشارة فاستمعها ... وأجبني عنها أبا الفيّاض
  كنت في مجلس مليحة فيه ... وهي سقم الصّحاح برء المراض
  وقديما عهدتني لست في حقّ ... ك والذبّ عنك ذا إغماض
  فتغفّلتها تغفّل خصم ... وتأملتها تأمّل قاض
  ورمتها العيون من كلّ أفق ... وتشاكوا بالوحي والإيماض
  من كهول وسادة سمحاء ... باللَّها باخلين بالأعراض(١)
  وصفات القيان أولها الغد ... ر عليه في وصلهنّ التّراضي
  فتشوّفت ذاك منها وأعدد ... ت نكيري وسورتي وامتعاضي
  فحمت جانب المزاح وعمّت ... هم جميعا بالصّدّ والإعراض
  وكفاني وفاؤها لك حتّى ... آذن الليل جمعهم بار فضاض
  فأجابه أبو الفيّاض:
  ليت شعري ماذا دعاك إلى أن ... هجت شوقي وزدت في إمراضي؟
  ذكرّتني بشراك داء قديما ... من سقام عليّ لا شك قاضي
  / إن تكن أحسنت مليحة في وص ... لي وعاصت رياضة الرّوّاض
  وأقامت على الوفاء ولم تر ... ع لوحي منهم ولا إيماض
  فعلى صحّة الوفاء تعاقد ... نا وصون النّفوس والأعراض
  وعلينا من العفاف ثياب ... هنّ أبهى من حاليات الرياض
(١) اللها: العطايا.