كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الغريض وأخباره

صفحة 581 - الجزء 2

  أبي الحارث بن نابتة مولى هشام بن الوليد المخزوميّ وهو الذي يقول له عمر بن أبي ربيعة:

  يا أبا الحارث قلبي طائر ... فاستمع⁣(⁣١) قول رشيد مؤتمن

  / قال: شهدت عمر بن أبي ربيعة وجميلا بالأبطح، فأنشد جميل قصيدته التي يقول فيها:

  لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي ... بثينة أو أبدت لنا جانب البخل

  ثم قال: يا أبا الخطَّاب، هل قلت في هذا الوزن شيئا؟ قال: نعم؛ فأنشده قوله:

  جرى ناصح بالودّ بيني وبينها

  فقال جميل: هيهات يا أبا الخطاب، واللَّه لا أقول مثل هذا سجيس⁣(⁣٢) الليالي، واللَّه ما خاطب النساء مخاطبتك أحد! وقام مشمّرا.

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال:

  رأيت علماءنا جميعا لا يشكَّون في أنّ أحسن ما يروى في تعظيم⁣(⁣٣) السرّ قول عمر:

  ولكنّ سرّي ليس يحمله مثلي

  قال الزبير: وحدّثني محمد بن إسماعيل قال حدّثني ابن أبي الزّناد قال: إنما اجتمع عمر بن أبي ربيعة وجميل بالجناب⁣(⁣٤).

  سمع الفرزدق شعر ابن أبي ربيعة فمدحه

  أخبرني محمد بن أحمد الطَّلَّاس قال أخبرنا أحمد بن الحارث الخزّاز عن المدائنيّ:

  أنّ الفرزدق سمع عمر بن أبي ربيعة ينشد هذه القصيدة، فلمّا بلغ إلى قوله:

  فقمن وقد أفهمن ذا اللبّ أنما ... فعلن الذي يفعلن من ذاك من أجلي

  صاح الفرزدق وقال: هذا واللَّه الشعر الذي أرادته الشعراء فأخطأته وبكت الديار.

  نسبة ما في قصيدة عمر وسائر هذه الأخبار من الأغاني سوى قصيدة جميل فإن لها أخبارا تذكر مع أخباره

  فمن ذلك قصيدة عمر التي أوّلها:

  جرى ناصح بالودّ بيني وبينها


(١) في ط بعد ذكر البيت قوله: «الرواية فأتمر أمر رشيد» وهو الموافق لما في «ديوانه» ولما تقدّم في الجزء الأول من هذه الطبعة ص ١١٤ و ٢٠٣

(٢) يقال: لا أفعل ذلك سجيس الليالي أي لا أفعله أبدا.

(٣) في ح وهامش ط: «في حفظ السر». وفيء: «في تعظيم حفظ السر».

(٤) الجناب: موضع بعراض خيبر وسلاح ووادي القرى، وقيل هو من منازل بني مازن. وقال نصر: الجناب: من ديار بني فزارة بين المدينة وفيد انظر «معجم ياقوت»).