أخبار محمد بن عبد الملك الزيات ونسبه
  يوم سرور لا يكمل:
  أخبرني(١) الصوليّ، قال: حدّثني أحمد بن محمد الأنصاريّ، قال: حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك، قال:
  دعا محمد بن عبد الملك قبل وزارته الحسن بن وهب في آخر أيام المأمون، فجاءه ودخلا حمّاما له، وأقاما على لهوهما، ثم طلب الحسن بن وهب لعمل احتيج فيه إليه، فمضى، وبطل يومهم(٢)، فكتب الحسن إليه:
  سقيا لنضر الوجه بسّامه ... مهذّب الأخلاق قمقامه(٣)
  تكسبه شكرا على أنها ... مطبقة السّنّ للوّامه(٤)
  زرناه في يوم علا قدره ... من سائر الأيام في عامه
  أسعده اللَّه وأحظى به ... وجاده الغيث بإرهامه(٥)
  فكان مسرورا بنا باذلا ... لرحله الرحب وحمّامه
  نخدمه وهو لنا خادم ... بفضله من دون خدّامه
  / ثم سقانا قهوة لم يدع ... أطيب منها بقرى شامه
  صهباء دلَّت على دنّها ... وحدّثت عن ضعف إسلامه(٦)
  فأجابه محمد بن عبد الملك ¦:
  وزائر لذّلنا يومه ... لو ساعد الدهر بإتمامه
  ماذا لقينا من دواوينه ... وخطَّه فيها بأقلامه؟
  أسرّ ما كنّا فمن مازح ... أو شارب قد عبّ في جامه
  فارقنا فالنّفس مطروفة ... بواكف الدّمع وسجّامه
  وعاد بالمدح لنا منعما ... به إلى سالف إنعامه
  ليت - وأنّي لي بها منية - ... لو كنت فيه بعض قوّامه
  يشكر ما نال على أنه ... لا يشكر الحرّ لحمّامه
  أمسحه فيه وأدنو له ... من خلفه طورا وقدّامه
  جعلت نفسي جنّة للصّبا ... وبعت إسلامي بإسلامه
(١) من أول هذا الخبر حتى آخر الترجمة ساقط من نسختي ب، س، ومه، والتكملة من. هج وهد.
(٢) في هج «وبطل يومهما» بدل «وبطل يومهم».
(٣) القمقام - ويضم - السيد.
(٤) فاعل تكسبه ضمير الأخلاق، وإطباق السن: كناية عن الصمت.
(٥) الإرهام: الغيث.
(٦) ذلك كناية عن عتقها.