كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن عبد الملك الزيات ونسبه

صفحة 57 - الجزء 23

  قيمته مائة ألف دينار، فندم على ذلك، ولم يجد منه عوضا، وكان أمره مما يعتدّ على أحمد بن أبي دواد، ويقول:

  أطمعتني في باطل، وحملتني على أمر لم أجد منه عوضا.

  دندن الكاتب يتنبأ بما حدث له:

  أخبرني محمد بن يحيى الصوليّ، قال:

  زعم محمد بن عيسى الفساطيطيّ، أن محمد بن عبد الملك اجتاز بدندن الكاتب، وعليه خلع الوزارة للمتوكل لما وزر له، فقال دندن:

  راح الشقيّ بخلعة النّكر ... مثل الهديّ لليلة النّحر⁣(⁣١)

  لا تمّ شهر بعد خلعته ... حتى تراه طافي الجمر⁣(⁣٢)

  ويرى يطاين من إساءته ... يهوي له بقواصم الظهر⁣(⁣٣)

  فكان الأمر كما قال.

  في التنور:

  قال عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى:

  فلما قبض عليه المتوكل استعمل له تنّور حديد، وجعل فيه مسامير لا يقدر معها أن يتحرّك إلا دخلت في جسده، ثم أحماه له وجعله فيه، فكان يصيح: ارحموني! فيقال له: اسكت، أنت كنت تقول: ما رحمت أحدا قطَّ، والرحمة ضعف في الطبيعة، وخور في المنّة، فاصبر على حكمك! وخرج عليه عبادة، فقال: أردت أن تشويني، فشووك.

  موت ومكايدة:

  أخبرني طاهر بن عبد اللَّه بن طاهر الهاشميّ: قال: قال العباس بن طومار:

  أمر المتوكل عبادة أن يدخل إلى محمد بن عبد الملك الزيات - وقد أحمى تنور حديد، وجعله فيه - فيكايده، فدخل إليه فوقف بإزائه، ثم قال: اسمع يا محمد، كان / في جيراننا حفّار يحفر القبور، فمرضت مخنّثة من جيراني، وكانت صاحبة لي، فبادر فحفر لها قبرا من الطمع في الدراهم، فبرأت هي ومرض هو بعد أيام، فدخلت إليه صاحبتي وهو بالنزع، فقالت: وي يا فلان؟ حفرت لي قبرا وأنا في عافية، أو ما علمت أنه من حفر بئر سوء وقع فيها، وحياتك يا محمد، لقد دفناه في ذلك القبر، والعقبى لك. قال: فو اللَّه ما برح من إزاء محمد، عبد الملك يؤذيه، ويكايده إلى أن مات.

  الحسن بن وهب يرثيه:

  قال الصوليّ:


(١) في هج: «جاز» بدل «راح»، الهدى: الضحية ونحوها.

(٢) ربما كانت «طافي الجمر» محرفة عن: صار في الجمر.

(٣) لم نقف فيما في أيدينا من المعاجم على هذه الصيغة (يطاين).