أخبار عنان
  فأقامها على سرير وعليها رداء رشيديّ(١) قد جلَّلها، فنودي عليها: من يزيد؟ بعد أن شاور الفقهاء فيها، وقال: هذه كبد رطبة، وعلى الرجل دين، فأشاروا ببيعها، قال: فبلغني أنها كانت تقول - وهي في المصطبة -: أهان اللَّه من أهانني، وأذلّ من أذلَّني، فلكزها مسرور بيده، وبلغ بها مسرور مائتي ألف درهم، فجاء رجل، فقال: عليّ زيادة خمسة وعشرين ألف درهم، فلكزه مسرور، وقال: أتزيد على أمير المؤمنين! ثم بلغ بها مائتين وخمسين ألفا، وأخذها له قال: ولم يكن فيها شيء يعاب، وطلبوا لها عيبا لئلا تصيبها العين، فأوقعوا بخنصر رجلها(٢) شيئا. وأولدها ابنين - قال: أظنهما ماتا صغيرين -(٣) ثم خرج بها إلى خراسان، فمات هناك وماتت عنان بعده.
  / أبو نواس لشبب بها:
  قال: وأنشدنا لأبي نواس في قصيدة يمدح بها يزيد بن مزيد ويذكر عنان في تشبيبها:
  عنان يا من تشبه العينا ... أنت على الحبّ تلومينا
  حسنك حسن لا أرى مثله ... قد ترك الناس مجانينا
  بينهما وبين العباس بن الأحنف:
  أخبرني عمّي: قال: حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ: قال: حدّثني أحمد بن القاسم العجليّ: قال: حدّثني أبو القاسم النخعيّ قال:
  كان العباس بن الأحنف يهوى عنان جارية الناطفي، فجاءني يوما، فقال: امض بنا إلى عنان جارية الناطفي، فصرنا إليها، فرأيتها كالمهاجرة له، فجلسنا قليلا، ثم ابتدأ العباس فقال:
  قال عباس وقد أج ... هد من وجد شديد
  ليس لي صبر على الهج ... ر ولا لذع الصّدود
  لا ولا يصبر للهج ... ر فؤاد من حديد
  فقالت عنان:
  من تراه كان أعنى ... منك عن هذا الصدود
  بعد وصل لك منّي ... فيه إرغام الحسود
  فاتّخذ للهجر إن شئ ... ت فؤادا من حديد
  ما رأيناك على ما ... كنت تجني بجليد
  فقال العباس:
(١) في هج: «رداء سندي» بدل «رداء رشيدي».
(٢) في هح: «بخنصر في ظفر رجلها».
(٣) في هج: «ابنتين قال: أظنهما ماتا صغارا».