كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحسن بن وهب

صفحة 85 - الجزء 23

  إني وإن جعل القريض يجول بي ... حتّى يغور بما أقول وينجدا

  لعلى يقين أنّ قلبك موجع ... عندي المثال أنا الحمى ولك الفدا

  وكما علمت إذا لبست المجسدا ... وثنيت خلف الأذن حاشية الرّدا⁣(⁣١)

  وحبوت جيدك من حليّك عسجدا ... ونظمت ياقوتا به وزبرجدا

  وشكوت وجدك في الغناء شكاية ... ينسي حنينا والغريض ومعبدا

  سيما إذا غنّيتني بتعمّد ... بأبي وأمّي ذاك منك تعمّدا

  أثوي فأقصر ليلة ليزوّدا ... ومضى وأخلف من قتيلة موعدا

  صاحبه يرثي لحاله:

  فوقعت الأبيات⁣(⁣٢) في يد ابن رباح فقرأها، وعلم أنّه قد بلغ منه. فكتب إليه:

  فدى لك آبائي وحقّ بأن تفدّى ... فدى لك قصدا من ملامك لي قصدا

  ولا تلحني في عثرة إن عثرتها ... فلا والذي أمسيت أدعى له عبدا

  وعهدك يا نفسي يقيك من الرّدى ... فأعظم به عندي وأكرم به عهدا

  / يمين امرئ برّ صدوق مبرّإ ... من الإثم ما حاولت هزلا ولا جدّا

  سوى ما به أزداد عندك زلفة ... ويكسبني منك المودّة والحمدا

  أرى الغيّ إن أومأت للغيّ طاعة ... لأمرك فضلا عن سوى الغيّ لي رشدا

  وأسعى لما تسعى وأتبع ما ترى ... وفي كلّ ما يرضيك أستغرق الجهدا

  إذا أنا لم أمنحك صفو مودّتي ... فمن ذا الذي أصفي له غيرك الودّا؟

  ومن ذا الذي أرعى وأشكر والذي ... يؤمّل خيرا بعد منّي أو رفدا

  وأنت ثمالي والمعوّل والذي ... أشدّ به أزري فيعصمني شدّا

  وآثر خلق اللَّه عندي ومن له ... أياد وودّ لست أحصيهما عدّا

  فلا تحسبنّ مائلا عن خليقتي ... لك الدهر حتى أسكن القبر واللَّحدا

  معاذ إلهي أن أرى لك خاذلا ... ولكنّ عذري واضح أنّ بي وجدا⁣(⁣٣)

  بأحسن من أبصرت شخصا وصورة ... وأملح خلق اللَّه كلَّهم قدّا

  بمالكة أمري وإن كنت مالكا ... لها ففؤادي ليس من حبّها يهدا

  إذا سألتهن أن أقيم عشيّة ... لأونسها لا أستطيع لها ردّا


(١) المجسد: المصبوغ بالجساد: أي الزعفران.

(٢) في هج: «فوقع الشعر».

(٣) في ز:

«أني ميت وجدا»