كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - خبر أبي قطيفة ونسبه

صفحة 58 - الجزء 1

  شماريخ الجبال إذا تردّت ... بزينتها وجادتها القطار⁣(⁣١)

  / وأخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال حدّثنا محمد بن سعد الكرانيّ قال حدّثنا العمريّ عن العتبىّ⁣(⁣٢) قال:

  كتب أبو قطيفة عمرو بن الوليد بن عقبة إلى أبيه وهو متولَّي الكوفة لعثمان بن عفّان:

  من مبلغ عنّي الأمير بأنني ... أرق بلا داء سوى الإنعاظ

  إن لم تغثني خفت إثمك أو أرى ... في الدار محدودا⁣(⁣٣) بزرق لحاظ

  يعني دار عثمان التي تقام فيها الحدود. فابتاع له جارية بالكوفة وبعث بها إليه. أخبرني عبد اللَّه بن محمد الرّازي قال حدّثنا الخرّاز عن المدائنيّ قال:

  كان أبو قطيفة من شعراء قريش، وكان ممن نفاه ابن الزبير مع بني أمية إلى الشأم، فقال في ذلك:

  وما أخرجتنا رغبة عن بلادنا ... ولكنّه ما قدّر اللَّه كائن

  أحنّ إلى تلك الوجوه صبابة ... كأنّي أسير في السّلاسل راهن

  / وكان يتحرّق⁣(⁣٤) على المدينة، فأتى عبّاد بن زياد ذات يوم عبد الملك فقال له: إنّ خاله أخبره أن العراقين قد فتحا. فقال عبد الملك لأبي قطيفة لما يعلمه من حبّه المدينة: أما تسمع ما يقوله عبّاد عن خاله؟ قد طابت لك المدينة الآن. فقال أبو قطيفة:

  إنّي لأحمق⁣(⁣٥) من يمشي على قدم ... إن غرّني من حياتي خال عبّاد

  أنشا يقول لنا المصران قد فتحا ... ودون ذلك يوم شرّه بادي

  قال: وأذن له ابن الزّبير في الرجوع، فرجع فمات في طريقه.

  قصر سعيد بن العاص بالعرصة وشئ من أخباره

  وأمّا خبر القصر الذي تقدّم ذكره وبيعه من معاوية، فأخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال ذكر مصعب بن عمّار⁣(⁣٦) بن مصعب بن عروة بن الزّبير:

  / أنّ سعيد بن العاص لمّا حضرته الوفاة وهو في قصره هذا، قال له ابنه عمرو: لو نزلت إلى المدينة! فقال:

  يا بنيّ، إنّ قومي لن يضنّوا عليّ بأن يحملوني على رقابهم ساعة من نهار، وإذا أنا مت فآذنهم⁣(⁣٧)، فإذا واريتني فانطلق إلى معاوية فانعني له، وانظر في ديني، واعلم أنه سيعرض عليك قضاءه فلا تفعل، واعرض عليه قصري


(١) شماريح الجبال: رؤوسها، وأحدها شمراخ. والقطار: جمع قطر وهو المطر.

(٢) في ت، ح، س: «الضّبّي»:

(٣) مقاما عليّ الحد.

(٤) يتلهف شوقا إليها.

(٥) في ت، أ، م، ح، ر: «لأجبن».

(٦) كذا في أكثر النسخ. وفي ت، ح: «عثمان» وفي ر: «مصعب بن عثمان بن عروة». وعثمان بن عروة ذكره ابن قتيبة في «المعارف» ص ١١٤.

(٧) اذنهم: أعلمهم.