أخبار أبان بن عبد الحميد ونسبه
  فقام ثمّ بها ذو ... فصاحة وبيان
  فكلَّما قال قلنا ... إلى انقضاء الأذان
  فقال: كيف شهدتم ... بذا بغير عيان(١)
  لا أشهد الدّهر حتى ... تعاين العينان
  فقلت: سبحان ربّي ... فقال: سبحان ماني
  فقال أبان يجيبه:
  إن يكن هذا النّواسيّ ... بلا ذنب هجانا
  فلقد نكناه حينا ... وصفعناه زمانا
  هانئ الجربي أبوه ... زاده اللَّه هوانا
  سائل العباس واسمع ... فيه من أمّك شانا(٢)
  / عجنوا من جلَّنار(٣) ... ليكيدوك عجانا
  جلَّنار(٣) أم أبي نواس، وتزوجها العباس بعد أبيه.
  هو والمعذل يتهاجيان:
  أخبرنا محمد بن العباس اليزيديّ: قال: حدّثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد: قال:
  كان أبان اللاحقيّ صديقا للمعذّل بن غيلان، وكانا مع صداقتهما يتعابثان بالهجاء، فيهجوه المعذّل بالكفر وينسبه إلى الشؤم، ويهجوه أبان، وينسبه إلى الفساء الذي تهجى به عبد القيس، وبالقصر - وكان المعذّل قصيرا - فسعى في الإصلاح بينهما أبو عيينة المهلَّبيّ، فقال له أخوه عبد اللَّه - وهو أسن منه -: يا أخي إن في هذين شرّا كثيرا ولا بد من أن يخرجاه، فدعهما؛ ليكون شرّهما بينهما، وإلا فرّقاه على الناس، فقال أبان يهجو المعذّل:
  أحاجيكم ما قوس لحم سهامها ... من الريح لم توصل بقدّ ولا عقب(٤)
  وليست بشريان وليست بشوحط ... وليست بنبع لا وليست من الغرب(٥)
  ألا تلك قوس الدّحدحيّ معذّل ... بها صار عبديّا وتمّ له النسب(٦)
  تصكّ خياشيم الأنوف تعمّدا ... وإن كان راميها يريد بها العقب
  فإن تفتخر يوما تميم بحاجب ... وبالقوس مضمونا لكسرى بها العرب(٧)
(١) في س، ب: «بيان».
(٢) في هج: «منه في أمك».
(٣) ف المختار، «من جلبان».
(٤) قد: سير من جلد، عقب: عصب يعمل منه الأوتار.
(٥) شريان، شوحط، نبع: أشجار تصنع منها القسي.
(٦) الدحدحي: القصير.
(٧) يقصد حاجب بن زرارة، وقصته مشهورة.