أخبار أبان بن عبد الحميد ونسبه
  ماذا رأت فيه وماذا رجت ... وهي من النّسوان مختاره
  أسود كالسّفود ينسى لدى التّنّ ... ور بل محراك قيّاره(١)
  يجري على أولاده خمسة ... أرغفة كالريش طيّاره(٢)
  وأهله في الأرض من خوفه ... إن أفرطوا في الأكل سيّاره
  ويحك فرّي وأعصى ذاك بي ... فهذه أختك فرّاره(٣)
  إذا غفا بالليل فاستيقظي ... ثم اطفري إنك طفّاره
  فصعّدت نائلة سلَّما ... تخاف أن تصعده الفاره(٤)
  سرور غرّتها فلا أفلحت ... فإنها اللَّخناء غرّاره
  لو نلت ما أبعدت من ريقها ... إن لها نفثة سحّاره
  / قال: فلما بلغت قصيدته هذه عمّارة هربت فحرم الثقفيّ من جهتها مالا عظيما، قال: والثلاثة الأبيات التي أولها:
  فصعّدت نائلة سلما
  زادها في القصيدة بعد أن هربت.
  ابن مناذر يهجوه:
  أخبرني الأخفش عن المبرد عن أبي وائلة، قال:
  كان أبان اللاحقيّ يولع بابن مناذر، ويقول له: إنما أنت شاعر في المراثي، فإذا مت فلا ترثني، فكثر ذلك من أبان عليه، حتى أغضبه، فقال فيه ابن مناذر:
  غنج أبان ولين منطقه ... يخبر الناس أنه حلقي(٥)
  داء به تعرفون كلَّكم ... يا آل عبد الحميد في الأفق
  حتّى إذا ما المساء جلَّله ... كان أطبّاؤه على الطَّرق
  ففرّجوا عنه بعض كربته ... بمسبطرّ مطَّوق العنق(٦)
  / قال: وهجاه بمثل هذه القصيدة، ولم يجبه أبان خوفا منه، وسعي بينهما، فأمسك عنه.
(١) محراك: ما يحرك به النار، والقيارة: أصحاب القير. وهو الزفت، أطلقت مجازا على محل القير.
(٢) في هج: «كالريح» بدل «كالريش».
(٣) في بعض النسخ «واعصبي ذاك بي» وفي بعضها «فاك بي».
(٤) في أ، م، ح: «قائله» بدل «نائلة».
(٥) كناية عن الابنه من قولهم: أتان حلقيه أي تداولتها الحمر حتى أصابها داء في رحمها.
(٦) في ف وفي س، ب «بمستطير» وهو تحريف والكلمة كناية عن العضو المعروف.