أخبار أبان بن عبد الحميد ونسبه
  أكان يهوديا:
  أخبرني الصّولي، عن محمد بن سعيد، عن عيسى بن إسماعيل: قال:
  جلس أبان بن عبد الحميد ليلة في قوم، فثلب أبا عبيدة فقال: يقدح في الأنساب ولا نسب له. فبلغ ذلك أبا عبيدة فقال في مجلسه: لقد أغفل السلطان كلّ شيء حتى أغفل أخد الجزية من أبان اللاحقي، وهو وأهله يهود، وهذه منازلهم فيها أسفار التوراة، وليس فيها مصحف، وأوضح الدلالة على يهوديتهم أنّ أكثرهم يدّعي حفظ التوراة، ولا يحفظ من القرآن ما يصلَّي به، فبلغ ذلك أبانا(١) فقال:
  /
  لا تنمّنّ عن صديق حديثا ... واستعذ من تسرّر النمّام
  واخفض الصّوت إن نطقت بليل ... والتفت بالنهار قبل الكلام
  أكان كافرا:
  أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال: حدّثنا عيسى بن إسماعيل تينة: قال:
  كنا في مجلس أبي زيد الأنصاري، فذكروا أبان بن عبد الحميد، فقالوا: كان كافرا، فغضب أبو زيد، وقال:
  كان جاري، فما فقدت قرآنه في ليلة قطَّ.
  أخبرنا هاشم بن محمد الخزاعيّ عن دماذ: قال:
  كان لأبان جار، وكان يعاديه، فاعتلّ علَّة طويلة وأرجف أبان بموته، ثم صحّ من علَّته، وخرج، فجلس على بابه، فكانت علَّته من السّلّ، وكان يكنى أبا الأطول، فقال له أبان:
  يقضي على جاره المريض:
  أبا الأطول طوّلت ... وما ينجيك تطويل
  بك السّلّ ولا وال ... لَّه ما يبرأ مسلول
  فلا يغررك من طبّ ... ك أقوال أبا طيل(٢)
  أرى فيك علامات ... وللأسباب تأويل(٣)
  هزالا قد برى جس ... مك والمسلول مهزول
  وذبّانا حواليك ... فموقوذ ومقتول(٤)
  وحمّى منك في الظَّهر ... فأنت الدهر مملول
  وأعلاما سوى ذاك ... تواريها السّراويل
  ولو بالفيل مما ... بك عشر ما نجا الفيل
(١) ب: «فبلغ ذلك أبان» وهو خطأ.
(٢) في س، ب: «ظنك» بدل «طبك».
(٣) خد والمختار: «وللأشياء تأويل».
(٤) الذبان: الذباب والموقوذ: الصريع.