كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ماني الموسوس

صفحة 134 - الجزء 23

١٧ - أخبار ماني الموسوس

  يعارض العريان:

  هو رجل من أهل مصر، يكنى أبا الحسن واسمه محمد بن القاسم⁣(⁣١)، شاعر ليّن الشعر رقيقه، لم يقل شيئا إلا في الغزل، وماني لقب غلب عليه، وكان قدم مدينة السّلام، ولقيه جماعة من شيوخنا، منهم أبو العباس محمد بن عمّار وأبو الحسن الأسديّ وغيرهما، فحدّثني أبو العباس بن عمار، قال:

  كان ماني يألفني، وكان مليح الإنشاد حلوه، رقيق الشعر غزله، فكان ينشدني الشيء، ثم يخالط، فيقطعه، وكان يوما جالسا إلى جنبي، فأنشدني للعريان⁣(⁣٢) البصريّ:

  ما أنصفتك العيون لم تكف ... وقد رأيت الحبيب لم يقف

  فابك ديارا حلّ الحبيب بها ... فباع منها الجفاء باللَّطف

  ثم استعارت مسامعا كسد الل ... وم عليها من عاشق كلف

  كأنها إذ تقنّعت ببلى ... شمطاء ما تستقلّ من خرف

  يا عين إمّا أريتني سكنا ... غضبان يزوي بوجه منصرف⁣(⁣٣)

  فمثّليه للقلب مبتسما ... في شخص راض عليّ منعطف

  إن تصفيه للقلب منقبضا ... فأنت أشقى منه به فصفي⁣(⁣٤)

  يقال بالصّبر قتل ذي كلف ... كيف وصبري يموت من كلفي

  إذا دعا الشوق عبرة لهوى ... فأيّ جفن يقول لا تكفي⁣(⁣٥)

  / ومستراد للَّهو تنفسح المق ... لة في حافتيه مؤتلف⁣(⁣٦)

  قصرت أيامه على نفر ... لا منن بالنّدى ولا أسف⁣(⁣٧)


(١) في هج: «محمد بن الهيثم».

(٢) في ف، هج: «الهذيل».

(٣) السكن: الحبيب.

(٤) ب: «فصف» خطأ.

(٥) في ف: «فأي دمع»، بدل «فأي جفن».

(٦) في ف، ح: «مؤتنف».

(٧) في س، ب: «لا معتن» بدل «لا منن» وهي جمع منون أو منين.