كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ماني الموسوس

صفحة 135 - الجزء 23

  بحيث إن شئت أن ترى قمرا ... يسعى عليهم بالكأس ذا نطف⁣(⁣١)

  قال: فسألته أن يمليها عليّ، ففعل، ثم قال: اكتب، فعارضه أبو الحسن المصري: يعني «ماني» نفسه فقال:

  أقفر مغني الديار بالنّجف ... وحلت عما عهدت من لطف

  طويت عنها الرضا مذمّمة ... لمّا انطوى غضّ عيشها الأنف

  حللت عن سكرة الصّبابة من ... خوف إلهي بمعزل قذف⁣(⁣٢)

  سئمت ورد الصّبا فقد يئست ... منى بنات الخدور والخزف⁣(⁣٣)

  سلوت عن نهّد نسبن إلى ... حسن قوام واللحظ في وطف⁣(⁣٤)

  يمددن حبل الصّبا لمن ألفت ... رجلاه قدّ المحول والدّنف⁣(⁣٥)

  / ومدنف عاد في النحول من ... الوجد إلى مثل رقّة الألف⁣(⁣٦)

  يشارك الطير في النّحيب ولا ... يشركنه في النّول والقضف⁣(⁣٧)

  / ومسمعات نهكن أعظمه ... فهو من الضيم غير منتصف

  مفتخرات بالجور عجبا كما ... يفخر أهل السّفاه بالجنف⁣(⁣٨)

  وقهوة من نتاج قطربّل ... تخطف عقل الفتى بلا عنف

  ترجع شرخ الشباب للخرف ال ... فاني وتدنى الفتى من الشّغف

  يصفع المؤذن:

  قال: فبينا هو ينشد إذ نظر إلى إمام المسجد الذي كنّا بإزائه قد صعد المئذنة ليؤذن فأمسك عن الإنشاد، ونظر إليه - وكان شيخا ضعيف الجسم والصوت - فأذّن أذانا ضعيفا بصوت مرتعش، فصعد إليه ماني مسرعا، حتى صار معه في رأس الصّومعة، ثم أخذ بلحيته، فصفعه في صلعته صفعة ظننت أنّه قد قلع رأسه، وجاء لها صوت منكر شديد، ثم قال له: إذا صعدت المنارة لتؤذّن، فعطعط⁣(⁣٩)، ولا تمطمط⁣(⁣١٠)، ثم نزل ومضى يعدو على وجهه. ولقيت عنتا من عتب⁣(⁣١١) الشيخ وشكواه إياي إلى أبي ومشايخ الجيران، يقول لهم: هذا ابن عمّار يجيء بالمجانين، فيكتب


(١) نطف: جمع نطفة وهي القليل من الماء فيها.

(٢) في س، ب: «بمعرك» بدل «بمعزل».

(٣) الخزف: التبختر وهو هز البدن باليدين، وفعله خزف: مشى يخطر بيديه.

(٤) الوطف: كثرة شعر الحاجبين والعينين.

(٥) في س، ب، هج: «المجون» بدل «النحول».

(٦) في ب: «دقة» بدل «رقة».

(٧) القضف: النحافة.

(٨) في ف:

«مفتخرات بجورهن كما»

(٩) عطعط: أي تابع الأصوات.

(١٠) تمطمط: أي لا تتوان في الكلام، أي الأذان هنا.

(١١) في س، ب: «عنت».