كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي العبر ونسبه

صفحة 144 - الجزء 23

٢٠ - أخبار أبي العبر ونسبه

  اسمه ونسبه:

  هو أبو العباس محمد بن أحمد، ويلقب حمدونا الحامض بن عبد اللَّه بن عبد الصمد بن علي بن عبد اللَّه بن العباس⁣(⁣١) بن عبد المطلب وكان صالح الشعر مطبوعا يقول الشعر المستوي في أول عمره منذ أيام الأمين وهو غلام، إلى أن ولي / المتوكل الخلافة، فترك الجدّ، وعاد إلى الحمق والشهرة به، وقد نيّف على الخمسين، ورأى أن شعره مع توسطه لا ينفق مع مشاهدته أبا تمام الطائيّ والبحتريّ وأبا السمط بن أبي حفصة ونظراءهم.

  شاعر هازل:

  حدّثني عم أبي عبد العزيز بن أحمد، قال:

  سمعت حمدون الحامض يذكر أنه ابنه أبا العبر ولد بعد خمس سنين خلت من خلافة الرشيد، قال: وعمّر إلى خلافة المتوكل، وكسب بالحمق أضعاف ما كسبه كلّ شاعر كان في عصره بالجدّ، ونفق نفاقا عظيما، وكسب في أيام المتوكَّل مالا جليلا، وله فيه أشعار حميدة، يمدحه بها، ويصف قصره وبرج الحمام والبركة⁣(⁣٢) كثيرة المحالّ، مفرطة السقوط، لا معنى لذكرها، سيما وقد شهرت في الناس.

  فحدّثني محمد بن أبي الأزهر، قال: حدّثني الزبير بن بكَّار، قال: قال لي عمي: ويحك! ألا يأنف الخليفة لابن عمه هذا الجاهل مما قد شهّر به نفسه وفضح عشيرته! واللَّه إنه لعرّ بني آدم جميعا، فضلا عن أهله والأدنين⁣(⁣٣)! أفلا يردعه ويمنعه من سوء اختياره! فقلت: إنه ليس بجاهل كما تعتقد⁣(⁣٤)، وإنما يتجاهل، وإن له لأدبا صالحا وشعرا طيّبا، ثم أنشدته:

  /

  لا أقول اللَّه يظلمني ... كيف أشكو غير متّهم!

  وإذا ما الدّهر ضعضعني ... لم تجدني كافر النّعم

  قنعت نفسي بما رزقت ... وتناهت في العلا هممي

  ليس لي مال سوى كرمي ... وبه أمني من العدم

  فقال لي: ويحك! فلم لا يلزم هذا وشبهه؟ فقلت له: واللَّه يا عم لو رأيت ما يصل إليه بهذه الحماقات


(١ - ١) تكملة من هج.

(٢) يقتضي السياق زيادة كلمة «وأخرى» بعد قوله: «والبركة».

(٣) في س، ب: «والأدبيين».

(٤) ف: «كما نقدر».