أخبار أبي العبر ونسبه
  لعذرته، فإن ما استملحت له لم ينفق به، فقال عمي - وقد غضب - أنا لا أعذره في هذا ولو حاز به الدّنيا بأسرها، لا عذرني اللَّه إن عذرته إذن!
  الجد في الهزل لا في الجد:
  وحدّثني مدرك بن محمد الشيباني، قال: حدّثني أبو العنبس الصيمري، قال:
  قلت لأبي العبر ونحن في دار المتوكل: ويحك! أيش يحملك على هذا السّخف الذي قد ملأت به الأرض خطبا وشعرا(١) وأنت أديب ظريف مليح الشعر؟ فقال لي: يا كشخان، أتريد أن أكسد أنا وتنفق أنت؟ أنت أيضا شاعر فهم متكلَّم فلم تركت العلم، وصنعت في الرقاعة نيّفا وثلاثين كتابا، أحبّ أن تخبرني لو نفق العقل أكنت تقدّم عليّ البحتري، وقد قال في الخليفة بالأمس:
  عن أي ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم
  فلما خرجت أنت عليه وقلت:
  في أي سلح ترتطم ... وبأي كف تلتطم
  أدخلت رأسك في الرّحم ... وعلمت أنك تنهزم
  فأعطيت الجائزة وحرم، وقرّبت وأبعد، في حر أمّك وحر أمّ كل عاقل معك! فتركته، وانصرفت.
  أردأ الشعر أوسطه:
  قال مدرك: ثم قال لي أبو العنبس: قد بلغني أنك تقول الشعر، فإن قدرت أن تقوله جيّدا، جيّدا؟ وإلا فليكن باردا، باردا، مثل شعر أبي العبر وإياك والفاتر فإنه صفع كلَّه.
  مذهبان متناقضان:
  حدّثني جعفر بن قدامة، قال: حدّثني أبو العيناء، قال: أنشدت أبا العبر:
  /
  ما الحبّ إلا قبلة ... أو غمز كفّ وعضد
  أو كتب فيها رقى ... أنفذ من نفث العقد
  من لم يكن ذا حبّه ... فإنما يبغي الولد
  ما الحبّ إلا هكذا ... إن نكح الحبّ فسد
  فقال لي: كذب المأبون: وأكل من خراي رطلين وربعا بالميزان، فقد أخطأ وأساء، ألا قال كما قلت:
  باض الحبّ في قلبي ... فوا ويلي إذا فرّخ
  وما ينفعني حبّي ... إذا لم أكنس البربخ
  وإن لم يطرح الأصل ... ع خرجيه على المطبخ
(١) ف: «شعرا وقصصا وخطبا».