أخبار مروان بن أبي حفصة الأصغر
  حرضه المتوكل على علي بن الجهم فأعنته وهجاه:
  أخبرني عليّ بن العباس بن أبي طلحة الكاتب قال: حدّثني جعفر بن هارون بن زياد قال: حدّثني أحمد بن الفضل الكاتب قال:
  لما قال عليّ بن الجهم هذه القصيدة في المتوكل:
  /
  اغتنم جدّة الزّمان الجديد ... واجعل المهرجان أيمن عيد
  أنشدها وأبو السمط بن أبي حفصة حاضر، فغمزه المتوكل على عليّ بن الجهم وأمره أن يعنته. فقال له:
  يا عليّ، أخبرني عن قولك:
  واجعل المهرجان أيمن عيد
  المهرجان عيد أم يوم لهو، إنما العيد ما تعبّد اللَّه به الناس(١) مثل الفطر والأضحى والجمعة وأيام التشريق.
  فأما المهرجان والنيروز فإنما هما أعياد المجوس(٢)، لا يجوز أن يقال لخليفة اللَّه في عباده وخليفة رسول اللَّه في أمته: اجعل المهرجان عيدا.
  فلم يلتفت إليه وأنشد حتى بلغ قوله(٣):
  نحن أشياعكم من آل خراسا ... ن أولو قوّة وبأس شديد
  نحن أبناء هذه الخرق السّو ... د وأهل التّشيّع المحمود
  فقال له مروان: لو كنتم من أهل التّشيّع المحمود ما قتل قحطبة جدّك وصلبه في عداوة بني العباس. فقال له المتوكل: ويلك، أقتل قحطبة جدّك؟ قال: لا واللَّه يا أمير المؤمنين. فأقبل على محمد بن عبد اللَّه بن طاهر، فقال له: بحياتي الأمر كما قال مروان؟ فقال له محمد: وإن كان كما قال، فأيّ ذنب لعليّ بن الجهم؟ قد قتل اللَّه أعداءكم وأبقى أولياءكم. فضحك المتوكل وقال: شهدت واللَّه بها عليه، فقال مروان في ذلك:
  غضب ابن الجهم من قولي له ... إنّ في الحق لقوم مغضبه
  يا بن جهم كيف تهوى معشرا ... صلبوا جدّك فوق الخشبة؟
  يا إمام العدل نصحي لكم ... نصح حقّ غير نصح الكذبه
  إن جدّي من رفعتم ذكره ... بكرامات لشكري موجبه
  وابن جهم من قتلتم جدّه ... وتولَّى ذاك منه قحطبه
  فخراسان رأت شيعتكم ... أنّه أهل لضرب الرّقبه(٤)
(١) ف: «أو يوم لهو، إنما العيد ما تعبد اللَّه فيه الناس ... إلخ».
(٢) «المختار»: «فإنهما من أعياد المجوس».
(٣) «المختار»: «ومر في إنشاده حتى بلغ إلى قوله».
(٤) هج، «المختار»: «بخراسان».