أخبار مروان بن أبي حفصة الأصغر
  أتراه بعدها ينصحكم ... لا وربّ الكعبة المحتجبه(١)
  هجا علي بن الجهم فلم يجبه:
  أخبرني عليّ بن العباس بن أبي طلحة قال: حدّثني جعفر بن هارون قال: حدّثني أحمد بن حمدون بن إسماعيل قال:
  بلغ المتوكل أنّ عليّ بن الجهم خطب امرأة من قريش فلم يزوّجوه، فسأل عن السبب في ذلك وعن قصته، وعن نسب سامة بن لؤي، فحدّث بها، ثم انتهى حديثهم بأنّ أبا بكر وعمر ® لم يدخلاهم في قريش، وأن عثمان ¥ أدخلهم فيه، وأن عليّا ¥ أخرجهم منه، فارتدّوا مع الحارث، وأنه قتل من ارتد منهم، وسبى بقيتهم، وباعهم من مصقلة بن هبيرة. فضحك المتوكل، وبعث إلى عليّ بن الجهم فأخبره بما قال القوم فأنكر ذلك وقال. هذه الدعوى(٢) من الرافضة، وشتم القوم. وكان منهم أبو السّمط فقال له:
  إنّ جهما حين تنسبه ... ليس من عجم ولا عرب
  لجّ في شتمي بلا سبب ... سارق للشّعر والنّسب
  من أناس يدّعون أبا ... ما له في الأرض من عقب
  / فغضب عليّ بن الجهم ولم يجبه؛ لأنه كان يحتقره ويستركَّه(٣)، وأومأ إليه المتوكل أن يزيده فقال:
  أأنتم من قريش يا بن جهم ... وقد باعوكم في من يزيد
  أترجو أن تكاثرنا جهارا ... بنسبتكم وقد بيع الجدود؟
  قال: وما زال مروان يهجو عليّ بن الجهم فما أجابه عن شيء من شعره أنفة منه.
  مدح أحمد بن أبي دواد فوصله:
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال: حدّثنا إسحاق بن محمد النخعيّ قال: حدّثني الجمّاز أبو عبد اللَّه قال:
  دخل مروان الأصغر على أحمد بن أبي دواد وقد أصابه الفالج وتماثل قليلا، فأنشده:
  لسان أحمد سيف مسّه طبع ... من علَّة فجلاه عنه جاليها(٤)
  ما ضرّ أحمد باقي علَّة درست ... واللَّه يذهب عنه رسم باقيها
  قد كان موسى على علَّات منطقه ... رسائل اللَّه إذ جاءت يؤدّيها
  موسى بن عمران لم ينقص نبوّته ... ضعف اللسان وقدما كان يمضيها(٥)
  فوصله أحمد ¦ واعتذر إليه.
(١) هج «المختار»: «أتراه بعد ذا ينصحكم».
(٢) هج: «هذه دعوة من الرافضة».
(٣) يستركه: يستضعفه.
(٤) الطبع: الصدأ.
(٥) هج:
«لم ينقص فتوته»