أخبار الحكم بن عبدل ونسبه
  محمد بن أنس السّلاميّ الأسديّ عن محمد بن سهل راوية الكميت قال:
  ولي الشّرطة بالكوفة رجل أعرج، ثم ولي الإمارة آخر أعرج، وخرج ابن عبدل وكان أعرج، فلقي سائلا أعرج وقد تعرّض للأمير يسأله، فقال ابن عبدل للسائل:
  ألق العصا ودع التخامع(١) والتمس ... عملا فهذي دولة العرجان
  لأميرنا وأمير شرطتنا معا ... يا قومنا لكليهما رجلان
  فإذا يكون أميرنا ووزيرنا ... وأنا فإنّ الرابع الشيطان(٢)
  / فبلغت أبياته ذلك الأمير فبعث إليه بمائتي درهم وسأله أن يكفّ عنه. وحدّثنيه الأخفش عن عبيد اللَّه اليزيديّ عن سليمان بن أبي شيخ عن محمد بن الحكم عن عوانة عن عمر بن عبد العزيز قال:
  ولي عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطَّاب الكوفة وضمّ إليه رجل من الأشعريّين يقال له سهل، وكانا جميعا أعرجين. ثم ذكر باقي الحديث مثل حديث يعقوب بن نعيم.
  ابن عبدل وعبد الملك بن بشر بن مروان
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني يعقوب بن إسرائيل عن قعنب بن المحرز الباهليّ عن الهيثم الأحمريّ قال:
  كانت لابن عبدل الأسديّ حاجة إلى عبد الملك بن بشر بن مروان، فجعل يدخل عليه ولا يتهيأ له الكلام، حتى جاءه رجل فقال: إني رأيت لك رؤيا، فقال: هاتها، فقصّها عليه؛ فقال ابن عبدل: وأنا قد رأيت أيضا؛ قال:
  هات ما رأيت؛ فقال:
  أغفيت قبل الصبح نوم مسهّد ... في ساعة ما كنت قبل أنامها
  فحبوتني فيما أرى بوليدة ... مغنوجة(٣) حسن عليّ قيامها
  وببدرة حملت إليّ وبغلة ... شهباء ناجية(٤) يصلّ(٥) لجامها
  ليت المنابر يا بن بشر أصبحت ... ترقى وأنت خطيبها وإمامها
  فقال له ابن بشر: إذا رأيت هذا في اليقظة أتعرفه؟ قال: نعم وإنما رأيته قبيل الصبح؛ قال: يا غلام، ادع فلانا، فجاء بوكيله، فقال: هات فلانة فجاءت، / فقال: أين هذه مما رأيت؟ قال: هي هي؛ وإلَّا فعليه وعليه؛ ثم دعا له ببدرة، فقال: مثل ذلك، وببغلة فركبها وخرج؛ فلقيه قهرمان(٦) عبد الملك، قال: أتبيعها؟ قال: نعم، قال: بكم؟
(١) كذا في ط. والتخامع: التظاهر بالخمع وهو العرج، يقال: خمعت الضع خمعا وخموعا وخمعانا إذا ظلعت في مشيتها كأنّ بها عرجا. وفي سائر الأصول: «التحامق».
(٢) في هذا البيت إقواء وهو اختلاف حركة الرويّ بالرفع والكسر.
(٣) لم نعثر على هذه الصيغة في معاجم اللغة والذي بها: «امرأة مغناج وغنجة»: حسنة الدل.
(٤) ناجية: سريعة.
(٥) يصل لجامها: يصوّت.
(٦) القهرمان: الوكيل أو أمين الدخل والخرج.