أخبار القتال ونسبه
  أنّه(١) زينب ... أين الخبيث؟ فقال لهم(٢): أخذ هاهنا(٣)، لغير الوجه الذي أراد(٤) أن يأخذه. فلمّا عرف أن قد بعدوا أخذ في وجه آخر، فلحق بعماية، وعماية(٥) جبل، فاستتر فيه، وقال في ذلك:
  فمن مبلغ فتيان قومي أنّني ... تسّميت لمّا شبّت الحرب زينبا(٦)
  / وأرخيت جلبابي على نبت لحيتي ... وأبديت للنّاس البنان المخضّبا(٧)
  وقال أيضا(٨):
  جزى اللَّه عنّا والجزاء بكفّه ... عماية خيرا أمّ كلّ طريد
  فما يزدهيها(٩) القوم إن نزلوا بها ... وإن أرسل السّلطان كلّ بريد
  / حمتني منها كلّ عنقاء عيطل ... وكلّ صفا جمّ القلات كؤود(١٠)
  فمكث بعماية زمانا يأتيه أخ له(١١) بما يحتاج إليه، وألفه نمر في الجبل كان يأوي معه في شعب(١٢).
  يصاحب نمرا
  وأخبرني عبد اللَّه بن مالك، قال: حدّثني محمد بن حبيب، عن ابن الكلبيّ، قال:
  كان القتّال الكلابيّ أصاب دما، فطلب به، فهرب إلى جبل يقال له عماية، فأقام في شعب من شعابه، وكان يأوي إلى ذلك الشّعب نمر، فراح إليه كعادته، فلمّا رأى القتّال كشر عن أنيابه، ودلع لسانه(١٣) فجرد القتّال سيفه من جفنه، فردّ النمر لسانه، فشام القتّال سيفه(١٤)، فربض بإزائه، وأخرج براثنه، فسلّ(١٥) القتّال سهامه من كنانته(١٦)، فضرب بيده وزأر، فأوتر القتّال قوسه، وأنبض وترها(١٧)، فسكن النّمر وألفه.
(١) «التجريد»: «وهم يطلبونه».
(٢) «التجريد»: «قالت».
(٣) «المختار»: «أخذ كذا».
(٤) «المختار»: «يريد».
(٥) «التجريد»: «وهو».
(٦) «ديوانه» ٣٥:
ألا هل أتى فتيان قومي أنني ... تسميت لما اشتدت الحرب زينبا
وفي خد: «هبت الحرب».
(٧) «الديوان» ٣٥: «وأدنيت جلبابي».
(٨) س: «وقال فيها».
(٩) «الديوان» ٤٥: «فلا يزدهيها»، خد: «فما يزذهينا». وفي خد: «به»، بدل «بها».
(١٠) «الديوان» ٤٥ كما هنا. وفي ج، س: الفلاة، بدل: القلات، والقلات: جمع قلت وهي النقرة في الجبل تمسك الماء. ولم ترد القلات في خد وجاء بدلا منها: جم بهن. وفي ج: فلا، بدل: صفا.
(١١) «التجريد»: أخوه.
(١٢) علق ابن واصل الحموي في «التجريد» ٢٤٦٤ قائلا: «قلت: هكذا روى، والعهدة على ناقله فإن العادة تأباه».
(١٣) «ودلع لسانه»: من «المختار»، والمعنى: أخرج لسانه.
(١٤) أثبتنا عبارة: «فرد النمر لسانه فشام القتال سيفه»: من «المختار».
(١٥) «المختار»: «فنثر».
(١٦) عبارة «التجريد»، بعد قوله: كشر عن أنيابه: «فأخرج القتال سهامه فنثرها بين يديه ...».
(١٧) «المختار»: بوترها.