كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الراعي وأخباره

صفحة 326 - الجزء 24

  منه، وقال في خبره:

  أجئت توقر إبلك لنسائك برّا وتمرا؟ واللَّه لأحملنّ إلى أعجازها كلاما يبقى ميسمه عليهنّ ما بقي الليّل والنّهار يسوءك وإيّاهنّ استماعه.

  وقال في خبره أيضا:

  فلما قال:

  فغضّ الطَّرف إنّك من نمير

  وثب وثبة دقّ رأسه السّقف، فجاء له صوت هائل، وسمعت عجوز كانت ساكنة في علو⁣(⁣١) ذلك الموضع صوته فصاحت: يا قوم، ضيفكم واللَّه مجنون، فجئنا إليه وهو يحبو ويقول: غضضته واللَّه، أخزيته واللَّه، فضحته وربّ الكعبة، فقلت له: مالك يا أبا حزرة؟ فأنشدنا القصيدة، ثم غدا بها عليه.

  الحجاج يسأل جريرا: مالك وللراعي؟

  وذكر ابن الكلبيّ، عن النّهشلي، عن مسحل بن كسيب؛ عن جرير في خبره مع الحجّاج لمّا سأله عمّن هجاه من الشّعراء قال:

  قال لي الحجّاج: مالك وللرّاعي؟ فقلت: أيّها الأمير، قدم⁣(⁣٢) البصرة، وليس بيني وبينه عمل، فبلغني أنّه قال في قصيدة له:

  يا صاحبيّ دنا الرّواح فسيرا ... غلب الفرزدق في الهجاء جريرا

  وقال أيضا في كلمة له.

  رأيت الجحش جحش بني كليب ... تيمّم حوض دجلة ثم هابا

  فأتيته وقلت: يا أبا جندل، إنّك شيخ مضر⁣(⁣٣) وقد بلغني تفضيلك الفرزدق عليّ، فإن أنصفتني⁣(⁣٤) وفضّلتني كنت أحقّ بذلك، لأنيّ مدحت قومك وهجاهم.

  وذكر باقي الخبر نحوا ممّا ذكره من تقدّم، وقال في خبره:

  قلت له: إنّ أهلك بعثوك مائرا، وبئس واللَّه المائر أنت، وإنّما بعثني أهلي لأقعد لهم على قارعة هذا المربد، فلا يسبّهم أحد إلا سببته فإنّ عليّ نذرا إن كحلت عيني بغمض، حتى أخزيك، فما أصبحت حتى وفيت بيميني⁣(⁣٥) قال: ثم غدوت عليه فأخذت بعنانه، فما فارقني حتى أنشدته إيّاها - فلما بلغت قولي:

  /

  أجندل ما تقول بنو نمير ... إذا ما الأير في است أبيك غابا؟

  قال: فأرسل يدي ثم قال: يقولون شرا واللَّه.


(١) «القاموس» علو الشيء: أرفعه.

(٢) ب، س: «قدمت البصرة».

(٣) خد: «أنت شيخ مضر».

(٤) خد: «فإن أنصفت فضلتني وكنت».

(٥) خد: «وفيت يميني».