كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الراعي وأخباره

صفحة 328 - الجزء 24

  أبو خليفة، عن محمد بن سلام، عن أبي البيداء قالوا جميعا:

  مرّ راكب بالرّاعي وهو يتغنّى:

  وعاو عوى من غير شيء رميته ... بقافية أنفاذها⁣(⁣١) تقطر الدّما

  خروج بأفواه الرّواة كأنّها ... قرا هندوانيّ إذا هزّ صمّما⁣(⁣٢)

  فسمعها الرّاعي فأتبعه رسولا، وقال له: من يقول هذين البيتين؟

  / قال جرير، فقال الرّاعي: أؤلام أن يغلبني هذا؟ واللَّه لو اجتمع الجنّ والإنس على صاحب هذين البيتين ما أغنوا فيه شيئا.

  قال ابن سلام خاصّة في خبره: وهذان البيتان لجرير في البعيث، وكذلك كان خبره معه، اعترضه في غير شيء.

  لا يحتذي شعر شاعر ولا يعارضه

  أخبرنا أبو خليفة قال: أخبرنا محمد بن سلَّام، قال:

  كان الرّاعي من رجال العرب ووجوه قومه، وكان يقال له في شعره: كأنه يعتسف الفلاة بغير دليل، أي أنه لا يحتذي شعر شاعر، ولا يعارضه، وكان مع ذلك بذيّا هجّاء لعشيرته، فقال له جرير:

  وقرضك في هوزان شرّ قرض ... تهجنهم⁣(⁣٣) وتمتدح الوطابا

  نسب بامرأة من بني عبد شمس

  أخبرنا أبو خليفة، قال: أخبرنا محمد بن سلَّام قال: قال أبو الغرّاف:

  جاور راعي الإبل بني سعد بن زيد مناة بن تميم، فنسب⁣(⁣٤) بامرأة منهم من بني عبد شمس، ثم أحد بني وابشيّ⁣(⁣٥)، فقال:

  بني وابشيّ قد هوينا جواركم⁣(⁣٦) ... وما جمعتنا نيّة قبلها معا

  خليطين من حيّين شتّى تجاورا ... جميعا وكانا بالتفّرّق أمتعا⁣(⁣٧)

  / أرى أهل ليلى لا يبالي أميرهم⁣(⁣٨) ... على حالة المحزون أن يتصدّعا

  وقال فيها أيضا:


(١) الأنفاذ: جمع نفذ، وهو منفذ الجراحة.

(٢) خروج: كثيرة الخروج متداولة، وسيف هندواني: عمل ببلاد الهند وأحكم عمله، وضمت الهاء اتباعا لضم الدال، وصمم السيف ونحوه: مضى إلى العظم.

(٣) خد: «يهجنها».

(٤) خد: «فشبب».

(٥) ب، س: «ثم أحد بني وابش» وفي «اللسان» (وبش): «وبنو وابش، وبنو وابشي: بطنان» وأورد بيت الراعي.

(٦) ب، س:

«بني وابش إنا هوينا جواركم»

(٧) ب، س:

«وكانا بالتفرق أضيعا»

(٨) ب، س:

«لا يبالي أسيرهم»