نسب الراعي وأخباره
  أبو خليفة، عن محمد بن سلام، عن أبي البيداء قالوا جميعا:
  مرّ راكب بالرّاعي وهو يتغنّى:
  وعاو عوى من غير شيء رميته ... بقافية أنفاذها(١) تقطر الدّما
  خروج بأفواه الرّواة كأنّها ... قرا هندوانيّ إذا هزّ صمّما(٢)
  فسمعها الرّاعي فأتبعه رسولا، وقال له: من يقول هذين البيتين؟
  / قال جرير، فقال الرّاعي: أؤلام أن يغلبني هذا؟ واللَّه لو اجتمع الجنّ والإنس على صاحب هذين البيتين ما أغنوا فيه شيئا.
  قال ابن سلام خاصّة في خبره: وهذان البيتان لجرير في البعيث، وكذلك كان خبره معه، اعترضه في غير شيء.
  لا يحتذي شعر شاعر ولا يعارضه
  أخبرنا أبو خليفة قال: أخبرنا محمد بن سلَّام، قال:
  كان الرّاعي من رجال العرب ووجوه قومه، وكان يقال له في شعره: كأنه يعتسف الفلاة بغير دليل، أي أنه لا يحتذي شعر شاعر، ولا يعارضه، وكان مع ذلك بذيّا هجّاء لعشيرته، فقال له جرير:
  وقرضك في هوزان شرّ قرض ... تهجنهم(٣) وتمتدح الوطابا
  نسب بامرأة من بني عبد شمس
  أخبرنا أبو خليفة، قال: أخبرنا محمد بن سلَّام قال: قال أبو الغرّاف:
  جاور راعي الإبل بني سعد بن زيد مناة بن تميم، فنسب(٤) بامرأة منهم من بني عبد شمس، ثم أحد بني وابشيّ(٥)، فقال:
  بني وابشيّ قد هوينا جواركم(٦) ... وما جمعتنا نيّة قبلها معا
  خليطين من حيّين شتّى تجاورا ... جميعا وكانا بالتفّرّق أمتعا(٧)
  / أرى أهل ليلى لا يبالي أميرهم(٨) ... على حالة المحزون أن يتصدّعا
  وقال فيها أيضا:
(١) الأنفاذ: جمع نفذ، وهو منفذ الجراحة.
(٢) خروج: كثيرة الخروج متداولة، وسيف هندواني: عمل ببلاد الهند وأحكم عمله، وضمت الهاء اتباعا لضم الدال، وصمم السيف ونحوه: مضى إلى العظم.
(٣) خد: «يهجنها».
(٤) خد: «فشبب».
(٥) ب، س: «ثم أحد بني وابش» وفي «اللسان» (وبش): «وبنو وابش، وبنو وابشي: بطنان» وأورد بيت الراعي.
(٦) ب، س:
«بني وابش إنا هوينا جواركم»
(٧) ب، س:
«وكانا بالتفرق أضيعا»
(٨) ب، س:
«لا يبالي أسيرهم»