كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار هلال ونسبه

صفحة 46 - الجزء 3

  فما

  عن قلى منّا لها خفّت النّوى ... بنا عن مراعيها وكثبانها العفر

  ولكنّ صرف الدّهر فرّق بيننا ... وبين الأداني، والفتى غرض الدهر

  فسقيا لصحراء الإهالة⁣(⁣١) مربعا ... وللوقبى من منزل دمث⁣(⁣٢) مثري

  وسقيا ورعيا حيث حلَّت لمازن ... وأيّامها الغرّ المحجّلة الزّهر

  / قال خالد بن كلثوم: ولما دفع هلال إلى أولياء الجلَّانيّ ليقتلوه بصاحبهم جاء رجل يقال له: حفيد كان هلال قد وتره فقال: واللَّه لأؤنّبنّه⁣(⁣٣) ولأصغّرنّ إليه نفسه وهو في القيود مصبور⁣(⁣٤) للقتل، فأتاه فلم يدع له شيئا مما يكره إلا عدّة عليه. قال: وإلى جنب هلال حجر يملأ الكفّ، فأخذه هلال فأهوى به للرجل فأصاب جبينه فاجتلف⁣(⁣٥) جلفة من وجهه ورأسه، ثم رمى بها وقال: خذ القصاص منّي الآن، وأنشأ يقول:

  أنا ضربت كربا وزيدا ... وثابتا مشّيتهم رويدا

  كما أفدت⁣(⁣٦) حينه عبيدا ... وقد ضربت بعده حفيدا

  قال: وهؤلاء كلَّهم من بني رزام بن مازن، وكلَّهم كان هلال قد نكأ⁣(⁣٧) فيهم.

  أدى عنه ديسم الدية لبني جلان فمدحه:

  قال خالد بن كلثوم: ولما طال مقام هلال باليمن نهضت بنو مازن بأجمعهم إلى بني رزام بن مازن رهط هلال ورهط معاذ بن جعدة جار الجلَّانيّ المقتول، فقالوا: إنكم قد أسأتم بابن عمّكم وجزتم الحدّ في الطلب بدم جاركم، فنحن نحمل لكم ما أردتم، فحمل ديسم بن المنهال بن خزيمة⁣(⁣٨) بن شهاب بن أثاثة⁣(⁣٩) بن ضباب بن حجيّة⁣(⁣١٠) بن كابية بن حرقوص بن مازن الذي طلب معاذ بن جعدة أن يحمل لجاره، لفضل عزّه وموضعه في عشيرته، وكان الذي طلب ثلاثمائة بعير؛ فقال هلال في ذلك:

  /

  إن ابن كابية المرزّأ⁣(⁣١١) ديسما ... واري الزناد بعيد ضوء النار

  من كان يحمل ما تحمّل ديسم ... من حائل فنق⁣(⁣١٢) وأمّ حوار


(١) صحراء الإهالة: موضع ذكره «ياقوت» ولم يبينه واستشهد بهذا البيت.

(٢) دمث: سهل لين. ومثر: كثير الثرى خصب.

(٣) كذا في ط، ء. وفي سائر النسخ: «لآتينه».

(٤) كذا في ط، ء. والمصبور: المحبوس للقتل. وفي سائر النسخ: «مصفود».

(٥) اجتلف منه جلفة: بضع من لحمه بضعة.

(٦) كذا في أ، م. وفي ب، س: «أفأت». وفي ط: «أقدت».

(٧) نكأ فيهم: قتل فيهم وجرح وأثخن.

(٨) كذا في أكثر النسخ. وفي ب، س: «جزيمة» بالزاي. وفي ح: «جذيمة» بالذال.

(٩) في ط: «أمامة».

(١٠) كذا في ط، ء. وفي سائر النسخ. ولم نعثر على أنه سمي به.

(١١) المرزأ: الكريم الذي يصاب في ماله كثرا.

(١٢) الفنق بضمتين: الناقة الفتية السمينة. والحوار بالضم ويكسر: الفصيل.