ذكر ذي الإصبع العدواني ونسبه وخبره
  / وأما قول ذي الإصبع:
  ومنهم حكم يقضي
  فإنه يعني عامر بن الظَّرب العدوانيّ، كان حكما للعرب تحتكم إليه.
  من قرعت له العصا:
  حدّثنا محمد بن العبّاس اليزيديّ عن محمد بن حبيب قال:
  قيس تدّعي هذه الحكومة وتقول: إنّ عامر بن الظَّرب العدوانيّ هو الحكم وهو الذي كانت العصا تقرع له، وكان قد كبر فقال له الثاني من ولده: إنك ربّما أخطأت في الحكم فيحمل عنك؛ قال: فاجعلوا لي أمارة أعرفها فإذا زغت فسمعتها رجعت إلى الحكم والصواب، فكان يجلس قدّام بيته ويقعد ابنه في البيت ومعه العصا، فإذا زاغ(١) أو هفا قرع له الجفنة فرجع إلى الصواب. وفي ذلك يقول المتلمّس:
  لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علَّم الإنسان إلا ليعلما
  قال ابن حبيب: وربيعة تدّعيه لعبد اللَّه بن عمرو بن الحارث بن همّام. واليمن تدّعيه لربيعة بن مخاشن، وهو ذو الأعواد، وهو أوّل من جلس على منبر أو سرير وتكلَّم؛ وفيه يقول الأسود بن يعفر:
  ولقد علمت لو أنّ علمي نافعي ... أنّ السبيل سبيل ذي الأعواد
  / أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ أبو دلف قال أخبرنا الرّياشيّ قال حدّثنا الأصمعيّ قال:
  زعم أبو عمرو بن العلاء أنه ارتحلت عدوان من منزل، فعدّ فيهم أربعون ألف غلام أقلف(٢). قال الرياشيّ وأخبرني رجل عن هشام بن الكلبيّ قال: وقع على إياد البقّ فأصاب كلّ رجل منهم بقتّان.
  استعراض عبد الملك بن مروان أحياء العرب وسؤاله عن ذي الإصبع:
  أخبرني أحمد بن عبيد(٣) اللَّه بن عمّار قال حدّثني يعقوب بن نعيم قال حدّثنا أحمد بن عبيد أبو عصيدة قال أخبرني محمد بن زياد الزّياديّ، وأخبرني به أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثني عمر بن شبة ولم يسنده إلى أحد وروايته أتمّ:
  أنّ عبد الملك بن مروان لما قدم الكوفة بعد قتله مصعب بن الزبير جلس لعرض(٤) أحياء العرب - وقال عمر بن شبة: إنّ مصعب بن الزبير كان صاحب هذه القصّة - فقام إليه معبد بن خالد الجدليّ، وكان قصيرا دميما، فتقدّمه إليه رجل منا حسن الهيئة؛ قال معبد: فنظر عبد الملك إلى الرجل وقال: ممن أنت؟ فسكت ولم يقل شيئا وكان منّا، فقلت من خلفه: نحن يا أمير المؤمنين من جديلة؛ فأقبل على الرجل وتركني، فقال: من أيّكم ذو الإصبع؟ قال الرجل: لا أدري؛ قلت: كان عدوانيّا؛ فأقبل على الرجل وتركني وقال: لم سمّي ذا الإصبع؟ قال الرجل: لا أدري؛ فقلت: نهشته حية في إصبعه فيبست؛ فأقبل على الرجل وتركني، فقال: وبم كان يسمّى قبل
(١) في ح، ء: «زل».
(٢) الأقلف: الذي لم يختن.
(٣) تقدم هذا الاسم غير مرة «أحمد بن عبيد اللَّه». وقد ذكر هنا باتفاق النسخ: «أحمد بن عبد اللَّه».
(٤) فيء، ط: «يعترض».