كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر زيد بن عمرو ونسبه

صفحة 89 - الجزء 3

  أقول إذا ما زرت أرضا مخوفة ... حنانيك لا تظهر عليّ الأعاديا

  حنانيك إنّ الجنّ كانت رجاءهم ... وأنت إلهي ربّنا ورجائيا

  أدين لربّ يستجيب ولا أرى ... أدين لمن لا يسمع الدهر داعيا

  أقول إذا صلَّيت في كلّ بيعة ... تباركت قد أكثرت باسمك داعيا

  يقول: خلقت خلقا كثيرا يدعون باسمك.

  / قال الزّبير وحدّثني مصعب بن عبد اللَّه قال حدّثني الضحّاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزّناد عن موسى بن عقبة قال سمعت من أرضى يحدّث:

  امتناعه عن ذبائح قريش وقصته مع النبيّ في ذلك:

  أن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: الشاة خلقها اللَّه وأنزل من السماء ماء وأنبت لها من الأرض نباتا ثم تذبحونها على غير اسم اللَّه! إنكارا لذلك وإعظاما له.

  قال الزبير: وحدّثني مصعب بن عبد اللَّه عن الضحّاك بن عثمان بن عبد الرحمن بن أبي الزّناد عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد اللَّه أنه سمع عبد اللَّه بن عمر يحدّث عن رسول اللَّه : أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح⁣(⁣١)، وكان قبل أن ينزل على رسول اللَّه الوحي، فقدّم إليه رسول اللَّه سفرة⁣(⁣٢) فيها لحم، فأبى أن يأكل، وقال: إنّي لا آكل إلَّا ما ذكر اسم اللَّه عليه.

  اجتمع بالشأم مع يهودي ونصراني فسألهما عن الدين واعتنق دين إبراهيم:

  قال الزبير وحدّثني مصعب بن عبد اللَّه عن الضحّاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزّناد عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد اللَّه قال - قال موسى: لا أراه إلَّا حدّثه عن عبد اللَّه بن عمر -:

  إن زيد بن عمرو خرج إلى الشّأم يسأل عن الدّين ويتّبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم فقال: لعلَّي أدين بدينكم فأخبرني بدينكم؛ فقال اليهوديّ: إنّك لا تكون على ديننا حتّى تأخذ بنصيبك من غضب اللَّه؛ فقال زيد بن عمرو: / لا أفرّ إلَّا من غضب اللَّه وما أحمل من غضب اللَّه شيئا أبدا وأنا أستطيع، فهل تدلَّني على دين ليس فيه هذا؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون⁣(⁣٣) حنيفا؛ قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم؛ فخرج من عنده وتركه.

  فأتى عالما من علماء النّصارى فقال له نحوا ممّا قال لليهوديّ⁣(⁣٤)، فقال له النّصرانيّ: إنك لن تكون على ديننا حتّى تأخذ بنصيبك من لعنة اللَّه؛ فقال: إني لا أمل من لعنة اللَّه ولا من غضبه شيئا أبدا وأنا أستطيع، فهل تدلَّني على دين ليس فيه هذا؟ فقال له نحوا مما قال اليهوديّ: / لا أعلمه إلا أن يكون حنيفا؛ فخرج من عندهما وقد رضي بما أخبراه واتّفقا عليه من دين إبراهيم، فلما برز رفع يديه وقال؛ اللَّهم [إنّي]⁣(⁣٥) على دين إبراهيم.


(١) بلدح: واد قبل مكة من جهة الغرب. قال ابن قيس الرقيات:

فمني فالجمار من عبد شمس ... مقفرات فبلدح فحراء

(٢) السفرة: جلد مستدير يحمل فيه المسافر طعامه، وهي في الأصل اسم لنفس الطعام ثم نقلت إلى الجلد لأنه يحمل فيها.

(٣) كذا فيء، ط. وفي سائر الأصول: «تكون» وهو تصحيف.

(٤) كذا فيء، ط. وفي سائر الأصول: «اليهودي» وهو تحريف.

(٥) زيادة فيء، ط.