أخبار ابن المولى ونسبه
  أولئك أوتاد البلاد ووارثو ال ... نبيّ بأمر الحقّ غير التّكاذب
  فقال له: أتنصفني يا بن الرسول أم لا؟ فقال: نعم، فقال: ألم أقل:
  وإن أمير المؤمنين ورهطه
  / ألستم رهطه؟ فقال: دع هذا، ألم تقدر أن ينفق شعرك ومديحك إلا بتهجين أهلي والطعن عليهم والإغراء بهم حيث تقول:
  وما نقموا إلا المودّة منهم ... وأن غادروا فيهم جزيل المواهب
  وأنهم نالوا لهم بدمائهم ... شفاء نفوس من قتيل وهارب
  فوجم ابن المولى وأطرق ثم قال: يا بن الرسول إن الشاعر يقول ويتقرّب بجهده، ثم قام فخرج من عنده منكسرا، فأمر الحسن وكيله أن يحمل إليه وظيفته ويزيده فيها ففعل، / فقال ابن المولى: واللَّه لا أقبلها وهو عليّ ساخط، فأما إن قرنها بالرضا فقبلتها، وأما إن أقام وهو عليّ ساخط البتّة فلا؛ فعاد الرسول إلى الحسن فأخبره؛ فقال له: قل له: قد رضيت فاقبلها. ودخل على الحسن فأنشده قوله فيه:
  سألت فأعطاني وأعطى ولم أسل ... وجاد كما جادت غواد(١) رواعد
  فأقسم لا أنفكّ أنشد مدحه ... إذا جمعتني في الحجيج المشاهد
  إذا قلت يوما في ثنائي قصيدة ... ثنيت بأخرى حيث تجزى القصائد
  مدح يزيد بن حاتم بولايته الأهواز وغلبته على الأزارقة فأجازه:
  قال الحزنبل: وحدّثني مالك بن وهب مولى يزيد بن حاتم المهلَّبيّ قال:
  لما انصرف يزيد بن حاتم من حرب الأزارقة(٢) وقد ظفر، خلع عليه وعقد له لواء على كور الأهواز وسائر ما افتتحه، فدخل عليه ابن المولى وقد مدحه فاستأذن في الإنشاد فأذن له فأنشده:
  صوت
  ألا يا لقومي هل لما فات مطلب ... وهل يعذرن ذو صبوة وهو أشيب
  يحنّ إلى ليلى وقد شطَّت النوى ... بليلى كما حنّ اليراع المثقّب(٣)
  / غنّى في هذين البيتين عطرّد، ولحنه رمل بالوسطى عن عمرو بن بانة؛ وفيه ليونس لحن ذكره لنفسه في كتابه ولم يذكر طريقته.
  تقرّبت(٤) ليلى كي تثيب فزادني ... بعادا على بعد إليها التقرّب
(١) الغوادي: جمع غادية وهي السحابة تنشأ غدوة.
(٢) الأزارقة: فرقة من الخوارج وهم أصحاب نافع بن الأزرق.
(٣) اليراع المثقب: المزمار.
(٤) كذا في الأصول ولم نجد في «كتب اللغة» التي بأيدينا تقرّب متعديا بنفسه وإنما يقال: تقرّبت إليه، فلعله نصب على حذف الجار.