كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عطرد ونسبه

صفحة 209 - الجزء 3

  عينه في الناس فرأى ابن المولى فأمر بتقريبه فقرّب منه؛ فقال له: هات يا مولى الأنصار ما عندك، فأنشده [قوله فيه]⁣(⁣١):

  /

  يا ليل لا تنجلي يا ليل بالزاد ... واشفي بذلك داء الحائم الصادي

  وأنجزي عدة كانت لنا أملا ... قد جاء ميعادها من بعد ميعاد

  ما ضرّه غير أن أبدي مودّته ... إنّ المحبّ هواه ظاهر بادي

  ثم قال فيها يصف ناقته:

  /

  تطوي البلاد إلى جمّ منافعه ... فعّل خير لفعل الخير عوّاد

  للمهتدين⁣(⁣٢) إليه من منافعه ... خير يروح وخير باكر غادي

  أغنى قريشا وأنصار النبيّ ومن ... بالمسجدين بإسعاد وإحفاد⁣(⁣٣)

  كانت منافعه في الأرض شائعة ... تترى⁣(⁣٤) وسيرته كالماء للصّادي

  خليفة اللَّه عبد اللَّه والده ... وأمّه حرّة تنمى لأمجاد

  من خير ذي يمن في خير رابية ... من القبول إليها معقل⁣(⁣٥) النّادي

  حتى أتى على آخرها؛ فأمر له بعشرة آلاف درهم وكسوة، وأمر صاحب الجاري⁣(⁣٦) بأن يجري له ولعياله في كلّ سنة ما يكفيهم، وألحقهم في شرف العطاء.

  قال: وذكر ابن النطَّاح عن عبد اللَّه بن مصعب الزبيريّ قال:

  وفدنا إلى المهديّ ونحن جماعة من قريش والأنصار، فلما دخلنا عليه سلَّمنا ودعونا وأثنينا، فلما فرغنا من كلامنا أقبل على ابن المولى فقال: هات يا محمّد ما قلت، فأنشده:

  صوت

  نادى الأحبّة باحتمال ... إنّ المقيم إلى زوال

  ردّ القيان⁣(⁣٧) عليهم ... ذلل المطيّ من الجمال

  فتحمّلوا بعقيلة ... زهراء آنسة الدّلال


(١) زيادة في أ، ء، م.

(٢) في أ، ح: «للمجمّدين».

(٣) إحفاد: إسراع في مرضاتهم وقضاء حاجاتهم.

(٤) تترى: متواترة.

(٥) معقل: ملجأ، يقال: عقل إليه عقلا وعقولا أي لجأ، والنادي: مجتمع القوم، ويراد به القوم المجتمعون.

(٦) الجاري: الجراية وهي ما يقدر من الرزق فيجري على صاحبه باتصال، قال صاحب «اللسان» في مادة جرى: «والجراية الجاري من الوظائف».

(٧) القيان: جمع قين وهو العبد أو القينة وهي الجارية. وقد قيل في قول زهير:

رد القيان جمال الحيّ فاحتملوا

إنّه أراد بالقيان الإماء أي أنهنّ رددن الجمال إلى الحيّ لشد أقتابها عليها، وقيل: أراد العبيد والإماء (انظر «اللسان» مادّة قين).