كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره

صفحة 262 - الجزء 4

  اسمه وكنيته، وسارت له في الناس. قال: ويقال / للرجل المتحذلق: عتاهية، كما يقال للرجل الطويل:

  شناحية⁣(⁣١). ويقال: أبو عتاهية، بإسقاط الألف واللام.

  / قال محمد بن يحيى وأخبرني محمد بن موسى قال أخبرني ميمون بن هارون عن بعض مشايخه قال: كني بأبي العتاهية أن كان⁣(⁣٢) يحبّ الشهرة والمجون والتعتّه. وبلده الكوفة وبلد آبائه، وبها مولده ومنشؤه وباديته.

  يقول ابنه إنها من عنزة:

  قال محمد بن سلَّام: وكان محمد بن أبي العتاهية يذكر أن أصلهم من عنزة، وأن جدّهم كيسان كان من أهل عين⁣(⁣٣) التّمر، فلما غزاها خالد بن الوليد كان كيسان جدّهم هذا يتيما صغيرا يكفله قرابة له من عنزة، فسباه خالد مع جماعة صبيان من أهلها، فوجّه بهم إلى أبي بكر، فوصلوا إليه وبحضرته عبّاد بن رفاعة العنزيّ بن أسد بن ربيعة بن نزار، فجعل أبو بكر ¥ يسأل الصبيان عن أنسابهم فيخبره كلّ واحد بمبلغ معرفته، حتى سأل كيسان، فذكر له أنه من عنزة. فلما سمعه عبّاد يقول ذلك استوهبه من أبي بكر ¥، وقد كان خالصا له، فوهبه له؛ فأعتقه، فتولَّى عنزة⁣(⁣٤).

  استعداؤه مندل بن علي وأخاه علي سبه بأنه نبطي:

  أخبرني محمد بن عمران الصّيرفيّ قال حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ قال حدّثنا أحمد بن الحجّاج الجلَّانيّ الكوفيّ قال حدّثني أبو دؤيل مصعب بن دؤيل الجلَّاني، قال: لم أر قطَّ مندل بن عليّ العنزيّ وأخاه حيّان بن عليّ غضبا من شيء قطَّ إلا يوما واحدا، دخل عليهما أبو العتاهية وهو مضمّخ بالدماء. فقالا له: ويحك! ما بالك؟ فقال لهما: من أنا؟ فقالا له: أنت أخونا وابن عمّنا ومولانا. فقال: إنّ فلانا الجزّار قتلني وضربني وزعم أنّي نبطيّ⁣(⁣٥)، فإن كنت نبطيّا هربت على وجهي / وإلَّا فقوما فخذا لي بحقّي. فقام معه مندل بن عليّ وما تعلَّق نعله⁣(⁣٦) غضبا؛ وقال له: واللَّه لو كان حقّك على عيسى بن موسى لأخذته لك منه؛ ومرّ معه حافيا حتى أخذ له بحقّه.

  أخبرني الصّوليّ قال حدّثنا محمد بن موسى عن الحسن بن عليّ عن عمر⁣(⁣٧) بن معاوية عن جبارة بن المغلَّس⁣(⁣٨) الحمّانيّ قال: أبو العتاهية مولى عطاء بن محجن العنزيّ.


= الشاعر المعروف ذكر أنه كان له ولد يقال له عتاهية، وقيل: لو كان الأمر كذلك لقيل له أبو عتاهية بغير تعريف؛ إنما هو لقب لا كنية، وكنيته أبو إسحاق. ولقب بذلك لأن المهديّ قال له: أراك متخلطا متعتها. وكان قد تعته بجارية للمهديّ ... وقيل: لقب بذلك لأنه كان طويلا مضطربا، وقيل: لأنه يرمي بالزندقة.

(١) كذا في نسخة الشنقيطي، وهو الموافق لما «معاجم اللغة». وفي أكثر الأصول: «شناجية» بالجيم المعجمة، وهو تصحيف.

(٢) في أ، ح، ء: «إذ كان».

(٣) عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار غربيّ الكوفة، غزاها خالد بن الوليد في أيام أبي بكر ¥.

(٤) تولى عنزة: اتخذهم أولياء له.

(٥) النبطيّ: منسوب إلى النبط، وهم جبل ينزلون البطائح بين العراقين.

(٦) ما تعلق نعله: ما لبسها.

(٧) في ح: «عن محمد بن معاوية».

(٨) كذا في «تهذيب التهذيب» و «الخلاصة في أسماء الرجال» و «أنساب السمعاني» و «شرح القاموس» مادة غلس. وفي أ، ح، ء:

«جنادة بن المغلس»، وفي ب، س: «جنادة بن الأفلس» وكلاهما تحريف.