كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره

صفحة 330 - الجزء 4

  لدواعي الخير والشّ ... رّ دنوّ ونزوح

  هل لمطلوب بذنب ... توبة منه نصوح

  كيف إصلاح قلوب ... إنّما هنّ قروح

  أحسن اللَّه بنا ... أنّ الخطايا لا تفوح

  فإذا المستور منّا ... بين ثوبيه نضوح⁣(⁣١)

  كم رأينا من عزيز ... طويت عنه الكشوح

  صاح منه برحيل ... صائح الدّهر الصّدوح

  موت بعض الناس في الأر ... ض على قوم فتوح

  سيصير المرء يوما ... جسدا ما فيه روح

  بين عيني كلّ حيّ ... علم الموت يلوح

  كلَّنا في غفلة وال ... موت يغدو ويروح

  لبني الدّنيا من الدّن ... يا غبوق⁣(⁣٢) وصبوح

  رحن في الوشى وأصبح ... ن عليهنّ المسوح /

  كلّ نطَّاح من الدّه ... ر له يوم نطوح

  نح على نفسك يا مس ... كين إن كنت تنوح

  لتموتنّ وإن عمّ ... رت ما عمّر نوح

  قال: فلمّا سمع ذلك الرشيد جعل يبكي وينتحب، وكان الرشيد من أغزر الناس دموعا في وقت الموعظة، وأشدّهم عسفا في وقت الغضب والغلظة. فلمّا رأى الفضل بن الرّبيع كثرة بكائه، أومأ إلى الملَّاحين أن يسكتوا.

  هجا منجابا الذي كان موكلا بحبسه:

  حدّثني الصّوليّ قال حدّثني الحسن بن جابر كاتب الحسن⁣(⁣٣) بن رجاء قال:

  لمّا حبس الرشيد أبا العتاهية دفعه إلى منجاب، فكان يعنف به؛ فقال أبو العتاهية:

  منجاب مات بدائه ... فاعجل له بدوائه

  إنّ الإمام أعلَّه ... ظلما بحدّ شقائه

  لا تعنفنّ⁣(⁣٤) سياقه ... ما كلّ ذاك برائه⁣(⁣٥)


(١) في «الديوان»: «فضوح» بالفاء.

(٢) الغبوق: ما شرب أو أكل آخر النهار، ويقابله الصبوح وهو ما أكل أو شرب أوّل النهار.

(٣) في الأصول: «الحسين» وهو تحريف.

(٤) أعنف الشيء: أخذه بشدّة.

(٥) يريد: «برأيه».