كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره

صفحة 331 - الجزء 4

  ما شمت هذا في مخا ... يل بارقات سمائه

  مدح الرشيد حين عقد ولاية العهد لبنيه:

  أخبرني محمد بن عمران الصّيرفيّ قال حدّثنا العنزيّ قال حدّثني أحمد بن معاوية القرشيّ قال:

  لمّا عقد الرشيد ولاية العهد لبنيه الثلاثة: الأمين، والمأمون، والمؤتمن، قال / أبو العتاهية:

  رحلت عن الرّبع المحيل قعودي ... إلى ذي زحوف⁣(⁣١) جمّة وجنود

  وراع يراعي اللَّيل في حفظ أمّة ... يدافع عنها الشرّ غير رقود

  بألوية جبريل يقدم أهلها ... ورايات نصر حوله وبنود

  / تجافى عن الدّنيا وأيقن أنّها ... مفارقة ليست بدار خلود

  وشدّ عرا الإسلام منه بفتية ... ثلاثة أملاك ولاة عهود

  هم خير أولاد، لهم خير والد ... له خير آباء مضت وجدود

  بنو المصطفى هارون حول سريره ... فخير قيام حوله وقعود

  تقلَّب ألحاظ المهابة بينهم ... عيون ظباء في قلوب أسود

  جدودهم⁣(⁣٢) شمس أتت في أهلَّة ... تبدّت لراء في نجوم سعود

  قال: فوصله الرشيد بصلة ما وصل بمثلها⁣(⁣٣) شاعرا قطَّ.

  ذكر لملك الروم فالتمسه من الرشيد فاستعفى هو، فكتب من شعره في مجلسه وعلى باب مدينته:

  أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد الأسديّ إجازة قال حدّثني الرّياشيّ قال:

  قدم رسول لملك الرّوم إلى الرشيد، فسأل عن أبي العتاهية وأنشده شيئا من شعره، وكان يحسن العربيّة، فمضى إلى ملك الرّوم وذكره له؛ فكتب ملك الرّوم إليه، وردّ رسوله يسأل الرشيد أن يوجّه بأبي العتاهية ويأخذ فيه رهائن من أراد، وألحّ في ذلك. فكلَّم الرشيد أبا العتاهية في ذلك، فاستعفى منه وأباه. واتّصل بالرشيد أنّ ملك الرّوم أمر أن يكتب بيتان من شعر أبي العتاهية على أبواب مجالسه وباب مدينته، وهما:

  صوت

  ما اختلف اللَّيل والنّهار ولا ... دارت نجوم السماء في الفلك

  إلَّا لنقل السّلطان عن ملك ... قد انقضى ملكه إلى ملك


(١) الزحوف: جمع زحف وهو الجيش.

(٢) كذا في «الديوان». وفي الأصول: «خدودهم» بالخاء.

(٣) في الأصول: «ما وصل مثلها».