ذكر أمية بن أبي الصلت ونسبه وخبره
  شقفت على رفقائك. فقال: خلَّوني؛ فإنّي أرتاد على نفسي(١) لمعادي، إنّ هاهنا راهبا عالما أخبرني أنه تكون بعد عيسى # ستّ رجعات، وقد مضت منها خمس وبقيت واحدة، وأنا أطمع في النبوّة وأخاف أن تخطئني، فأصابني ما رأيت. فلمّا رجعت ثانية أتيته فقال: قد كانت الرجعة، وقد بعث نبيّ من العرب؛ فيئست من النبوّة، فأصابني ما رأيت؛ إذا فاتني ما كنت أطمع فيه.
  أخبره شيخ راهب أن ليست فيه أوصاف النبيّ:
  قال: وقال الزّهريّ: خرج أميّة في سفر فنزلوا منزلا، فأمّ أميّة وجها وصعد في كثيب، فرفعت له كنيسة فانتهى إليها، فإذا شيخ جالس، فقال لأميّة حين رآه: إنّك لمتبوع، فمن أين يأتك رئيّك(٢)؟ قال: من شقّي الأيسر.
  قال: فأيّ الثياب أحبّ إليك(٣) أن يلقاك فيها؟ قال: السواد. قال: كدت تكون نبيّ العرب ولست به، هذا خاطر من الجنّ وليس بملك، وإنّ نبيّ العرب صاحب هذا الأمر يأتيه من شقّه الأيمن، وأحب الثياب إليه أن يلقاه فيها البياض.
  حديثه مع أبي بكر:
  قال الزّهريّ: وأتى أميّة أبا بكر فقال: يا أبا بكر، عمي الخبر، فهل أحسست شيئا؟ قال: لا واللَّه! قال: قد وجدته يخرج العام.
  سأل أبا سفيان عن عتبة بن ربيعة:
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال:
  سمعت خالد بن يزيد يقول: إنّ أميّة وأبا سفيان اصطحبا في تجارة إلى الشأم؛ ثم ذكر نحوه، وزاد فيه:
  فخرج من عند الراهب وهو ثقيل. فقال له أبو سفيان: إنّ بك لشرا، فما قصّتك؟ قال: خير، أخبرني عن عتبة بن ربيعة كم سنّه؟ فذكر سنّا. وقال: أخبرني عن ماله فذكر مالا. فقال له: وضعته. فقال أبو سفيان. بل رفعته. فقال له: إنّ صاحب هذا الأمر ليس بشيخ ولا ذي مال. قال: وكان الراهب أشيب، وأخبره أنّ الأمر لرجل من قريش.
  زعم أنه فهم ثغاء شاة:
  أخبرني الحرميّ قال حدّثني الزّبير قال حدّثت عن عبد الرحمن بن أبي حمّاد المنقريّ قال:
  كان أميّة جالسا معه قوم، فمرّت بهم غنم فثغت(٤) منها شاة؛ فقال للقوم: هل تدرون ما قالت الشاة؟ قالوا لا. قال: إنّها قالت لسخلتها: مرّي لا يجيء الذئب / فيأكلك كما أكل أختك عام أوّل في هذا الموضع. فقام بعض القوم إلى الراعي فقال له: أخبرني عن هذه الشاة التي ثغت ألها سخلة؟ فقال: نعم، هذه سخلتها. قال: أكانت لها عام أوّل سخلة؟ قال: نعم، وأكلها الذئب في هذا الموضع.
(١) في ح: «لنفسي لمعادي».
(٢) رئيّ (بفتح الراء وقد تكسر): جنيّ كانت العرب تزعم أنه يرى مصاحبه كهانة وطبا ويلقى على لسانه شعرا.
(٣) لعله: «أحب إليه». وانظر الخبر في ص ١٢٦.
(٤) ثغت الشاة: صاحت وصوّتت.