كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أمية بن أبي الصلت ونسبه وخبره

صفحة 351 - الجزء 4

  إلى الطائف؛ فبينما هو يشرب مع / إخوان له في قصر غيلان⁣(⁣١) بالطائف، وقد أودع ابنتيه اليمن ورجع إلى بلاد الطائف، إذ سقط غراب على شرفة في القصر فنعب نعبة؛ فقال أميّة: بفيك الكثكث! - وهو التّراب - فقال أصحابه:

  ما يقول؟ قال: يقول إنّك إذا شربت الكأس التي⁣(⁣٢) بيدك متّ، فقلت: بفيك الكثكث. ثم نعب نعبة أخرى، فقال أميّة نحو ذلك؛ فقال أصحابه: ما يقول؟ قال: زعم أنّه يقع على هذه المزبلة أسفل القصر، فيستثير عظما فيبتلعه فيشجى به فيموت، فقلت نحو ذلك. فوقع الغراب على المزبلة، فأثار العظم فشجي به فمات؛ فانكسر أميّة، ووضع الكأس من يده، وتغيّر لونه. فقال له أصحابه: ما أكثر ما سمعنا بمثل هذا وكان باطلا! فألحّوا عليه حتى شرب الكأس، فمال في شقّ وأغمي عليه ثم أفاق، ثم قال: لا بريء فأعتذر، ولا قويّ فأنتصر، ثم خرجت نفسه.

  صوت من المائة المختارة

  تبلت⁣(⁣٣) فؤادك في المنام خريدة ... تشفي⁣(⁣٤) الضّجيع ببارد بسّام

  كالمسك تخلطه بماء سحابة ... أو عاتق⁣(⁣٥) كدم الذّبيح مدام

  عروضه من الكامل. الشعر لحسّان بن ثابت، والغناء لموسى بن خارجة الكوفيّ ثقيل أوّل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر. وذكر حمّاد عن أبيه أنّ فيه لحنا لعزّة الميلاء. وليس موسى بكثير الصنعة ولا مشهور، ولا ممن خدم الخلفاء.


(١) هو غيلان بن سلمة بن معتّب، وكان وفد على كسرى وحاوره فأعجب به واشترى منه التجارة بأضعاف ثمنها وكساه وبعث معه من الفرس من بنى له هذا القصر بالطائف؛ فكان أوّل قصر بنى بها. (راجع «الأغاني» ج ١٢ ص ٤٨، ٤٩ طبع بلاق).

(٢) في جميع الأصول: «الذي».

(٣) تبلت فؤادك: أسقمته. والخريدة: الحيية.

(٤) في «ديوان» حسان: «تسقى» وعلى هذه الرواية تكون الباء في «ببارد» زائدة.

(٥) العاتق هنا: الخمر القديمة التي حبست زمانا حتى عتقت وجادت، وقيل: هي التي لم يفض أحد ختامها كالجارية العاتق التي قد أدركت ولما تتزوّج.