أخبار حسان بن ثابت ونسبه
  تعييره الحارث بن هشام بفراره عن أخيه وردّ الحارث عليه:
  وهذه القصيدة يقولها حسّان بن ثابت في وقعة بدر يفخر بها ويعيّر الحارث بن هشام بفراره عن أخيه أبي جهل بن هشام. وفيها يقول:
  صوت
  إن كنت كاذبة الذي حدّثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام
  ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرّة(١) ولجام
  - غنّاه يحيى المكيّ خفيف ثقيل أوّل بالوسطى. ولعزّة الميلاء فيه خفيف رمل بالبنصر. وفيه خفيف ثقيل بالبنصر لموسى بن خارجة الكوفيّ - فأجاب الحارث بن هشام، وهو مشرك يومئذ، فقال:
  صوت
  اللَّه(٢) يعلم ما تركت قتالهم ... حتّى رموا فرسي بأشقر(٣) مزبد
  وعلمت أنّي إن أقاتل واحدا ... أقتل ولا يضرر عدوّي مشهدي
  ففررت منهم والأحبّة فيهم ... طمعا لهم بعقاب يوم مرصد
  غنّى فيه إبراهيم الموصليّ خفيف ثقيل أوّل بالبنصر، وقيل: بل هو لفليح.
  تمثل رتبيل بشعر حسان فأنشده الأشعث ردّ الحارث فأعجب به:
  أخبرنا محمد بن خلف وكيع قال حدّثني سليمان بن أيّوب قال حدّثنا محمد بن سلَّام عن يونس قال:
  / لمّا صار ابن الأشعث إلى رتبيل(٤)، تمثّل رتبيل بقول حسّان بن ثابت في الحارث بن هشام:
  ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرّة ولجام
  فقال له ابن الأشعث: أو ما سمعت ما ردّ عليه الحارث بن هشام؟ قال: وما هو؟ فقال قال:
  اللَّه يعلم ما تركت قتالهم ... حتى رموا فرسي بأشقر مزبد
  وعلمت أنّي إن أقاتل واحدا ... أقتل ولا يضرر عدوّي مشهدي
  فصددت عنهم والأحبّة فيهم ... طمعا لهم بعقاب يوم مرصد
  فقال رتبيل: يا معشر العرب، حسّنتم كلّ شيء حتى حسّنتم الفرار.
(١) الطمرة: الأنثى من الجياد. وهي المستفزة للوثب والعدو، وقيل: الطويلة القوائم الخفيفة.
(٢) انظر هذه الأبيات في أشعار «الحماسة» و «سيرة ابن هشام» (ص ٢٥٣ طبع أوروبا).
(٣) الأشقر منّ الدم: الذي صار علقا ولم يعله غبار. وزبده: البياض الذي يعلوه.
(٤) رتبيل (ويقال فيه زنبيل كما في «الطبري» و «ابن الأثير»): صاحب الترك، كان بنواحي سجستان، وقد غزاه في سنة ٧٩ هـ عبيد اللَّه بن أبي بكرة، وكان واليا بسجستان، وتوغل في بلاده وأصاب منه غنائم وأموالا وهدم قلاعا وحصونا. وغزاه في سنة ٨٠ هجرية عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث من قبل الحجاج، فدخل بلاده وأخذ منها الغنائم واستولى على الحصون. وكتب إلى الحجاج بذلك ويشير عليه ألا يتوغل في البلاد؛ فأبى الحجاج ذلك وكتب له ثلاثة كتب يأمره فيها بمحاربته والتوغل في بلاده؛ وكان من جراء ذلك أن خرج عبد الرحمن بن الأشعث على الحجاج وبايعه الناس، وكان من أمرهما ما كان مما تراه مفصلا في «كتب التاريخ».