أخبار ابن رهيمة
٥٦ - أخبار ابن رهيمة
  شبب بزينب بنت عكرمة فأمر هشام بن عبد الملك بضربه فتوارى وظهر في أيام الوليد بن يزيد وقال شعرا:
  أخبرني محمد بن جعفر النحويّ قال حدّثنا أحمد بن القاسم قال حدّثني أبو هفّان عن إسحاق قال:
  كان ابن رهيمة يشبّب بزينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ويغني يونس بشعره، فافتضحت بذلك. فاستعدى عليه أخوها هشام بن عبد الملك، فأمر بضربه خمسمائة سوط، وأن يباح دمه إن وجد قد عاد لذكرها، وأن يفعل ذلك بكلّ من غنّى في شيء من شعره. فهرب هو ويونس فلم يقدر عليهما. فلمّا ولي الوليد بن يزيد ظهرا. وقال ابن رهيمة:
  لئن كنت أطردتني(١) ظالما ... لقد كشف اللَّه ما أرهب
  ولو نلت منّي ما تشتهي ... لقلّ إذا رضيت زينب
  وما شئت فاصنعه بي بعد ذا ... فحبّي لزينب لا يذهب
  وفي الأصوات المعروفة بالزيانب يقول أبان بن عبد الحميد اللَّاحقيّ:
  أحبّ(٢) من الغناء خفي ... فه إن فاتني الهزج
  وأشنأ «ضوء برق»(٣) مث ... ل ما أشنا «عفا مزج»
  وأبغض «يوم تنأى ... و «الزّيانب» كلَّها سمج
  / ويعجببي لإبراه ... يم والأوتار تختلج(٤)
  «أدير مدامة صرفا ... كأنّ صبيبها ودج «(٥)
  يعني أبان لحن إبراهيم. والشعر لأبان أيضا، وهو:
(١) أطرده: صيره طريدا. وأطرد السلطان فلانا: أمر بطرده أو بإخراجه من البلد.
(٢) وردت هذه الأبيات في كتاب «الأوراق» للصولي (المحفوظ منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية تحت رقم ٣٥٣٠ أدب) ضمن قصيدة طويلة مثبتة في ترجمة أبان هذا، ومطلعها:
أأحزنك الألى ردّوا ... جمال الحيّ وادّلجوا
(٣) يريد الشاعر بما وضعناه بين هذه العلامات أصواتا في الغناء.
(٤) كذا في كتاب «الأوراق» للصولي. وفي الأصول: «تعتلج» بالعين المهملة. وما أثبتناه أنسب بالمعنى. على أن كلمة «تعتلج» قد وردت في بيت آخر من هذه القصيدة، وهو:
نعم فبنات همّ الصد ... ر في الأحشاء تعتلج
(٥) الودج: عرق الأخدع الذي يقطعه الذابح فلا يبقى معه حياة. والمراد تشبيه لون الخمرة بلون الدم الذي يسيل من الأخدع عند الذبح.