كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

9 - شيء من ذكر أبي هرمة

صفحة 173 - الجزء 5

  فقال لي: مالك أخزاك اللَّه! من أخذ منها شيئا فهو له؛ فانتهبناها⁣(⁣١) حتى وقف الراعي وما معه منها شيء.

  وحدّثنا بهذا الخبر أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني عليّ بن محمد النّوفليّ عن أبيه:

  أن ابن هرمة كان اشترى غنما للربح⁣(⁣٢)، فلقيه رجل فقال له: ألست القائل:

  لا غنمي مدّ في الحياة لها ... إلا لدرك القرى ولا إبلي

  قال: نعم؛ قال: فو اللَّه إني لأحسبك تدفع عن هذه الغنم المكروه بنفسك، وإنك لكاذب؛ فأحفظه [ذلك]⁣(⁣٣) فصاح: من أخذ منها شيئا فهو له؛ فانتهبها الناس جميعا؛ وكان ابن هرمة أحد البخلاء.

  أوّل شعر قاله ابن هرمة:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثني الزّبير بن بكَّار قال حدّثني نوفل بن ميمون قال حدّثني زفر بن محمد⁣(⁣٤) الفهري: أن هذه القصيدة أول شعر قاله ابن هرمة.

  سمع مزيد بيتا له في الفخر فتهكم به:

  أخبرنا محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال قرأت على أبي: حدّثنا عبد اللَّه بن الوليد الأزديّ قال حدّثني جعفر بن محمد بن زيد بن عليّ بن الحسين⁣(⁣٥) قال:

  سمع مزبد⁣(⁣٦) قول ابن هرمة:

  /

  لا أمتع العوذ بالفصال ولا ... أبتاع إلَّا قريبة الأجل

  قال: صدق ابن الخبيثة، إنّما كان يشتري الشاة للأضحى فيذبحها من ساعته.

  ذهب إليه قوم من قريش للعبث به فكان بينهم حوار ظريف:

  أخبرنا وكيع قال حدّثنا حمّاد عن أبيه [عن عبد اللَّه بن الوليد عن جعفر بن محمد بن زيد عن أبيه]⁣(⁣٧) قال:

  اجتمع قوم من قريش أنا فيهم، فأحببنا أن نأتي ابن هرّمة فنعبث به، فتزوّدنا زادا كثيرا ثم أتيناه لنقيم عنده، فلما انتهينا إليه خرج إلينا فقال: ما جاء بكم؟ فقلنا: سمعنا شعرك فدعانا إليك لما سمعناك قلت:

  /

  إنّ امرأ جعل الطريق لبيته ... طنبا⁣(⁣٨) وأنكر حقّه للئيم


(١) كذا في ح. وفي ط، ء: «فانتهبنا». وفي سائر الأصول: «فانتهبناها له ...».

(٢) كذا في ح، ط، ء. وفي سائر الأصول: «للذبح»، وهو تحريف.

(٣) زيادة عن ط، ء.

(٤) في ط، ء: «زفر بن الحارث الفهري».

(٥) كذا في ط، ء وهو الموافق لما جاء في كتاب «المعارف» لابن قتيبة (ص ١١١ طبع أوروبا). وفي سائر الأصول: «الحسن».

(٦) كذا في ط، ء وكتاب «البخلاء» للجاحظ (ص ٩ طبع أوروبا) و «عيون الأخبار» طبع دار الكتب المصرية (انظر مقدّمته ص م حاشية رقم ٣). وفي «شرح القاموس» (مادة زبد): مزبد كمحدث اسم رجل صاحب «النوادر»، وضبط كمعظم، ووجد بخط الذهبي ساكن الزاي مكسور العين. (باختصار). وفي سائر الأصول: «مزيد» بالياء المثناة التحتية، وهو تصحيف.

(٧) التكملة عن ط، ء.

(٨) الطنب (بضم النون وتسكينها): حبل الخباء والسرادق ونحوهما، وقد يستعار للطرف والناحية. فلعله يريد أنه أقام بيته على الطريق فكانت الطريق طرفا له. وفي الحديث: «ما بين طنبي المدينة أحوج مني إليها» أي ما بين طرفيها. وفي ح:

«ضرب الطريق ..... طزقا ...

إلخ.