ذكر لخبر عن السبب في اتصال الهجاء بين جرير والأخطل
  ٤ - ذكر الخبر عن السبب في اتصال الهجاء بين جرير والأخطل
  سبب التهاجي بين جرير والأخطل:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش ومحمد بن العبّاس اليزيديّ قالا حدّثنا أبو سعيد السكَّريّ عن محمد بن حبيب عن أبي عبيدة وعن أبي غسّان دماذ عن أبي عبيدة، وأخبرني محمد بن يحيى قال حدّثنا أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل قال حدّثنا أبو غسّان عن أبي عبيدة، وأخبرنا الصّوليّ عن إبراهيم بن المعلَّى الباهليّ عن الطوسيّ عن ابن الأعرابيّ وأبي عمرو الشيبانيّ، وقد جمعت رواياتهم. قال أبو عبيدة حدّثني عامر بن مالك المسمعيّ قال:
  كان الذي هاج التهاجي بين جرير والأخطل أنّه لمّا بلغ الأخطل تهاجي جرير والفرزدق قال لابنه مالك - وهو أكبر ولده وبه كان يكنى -: انحدر إلى العراق حتّى تسمع منهما وتأتيني بخبرهما. فانحدر مالك حتى لقيهما وسمع منهما ثم أتى أباه. فقال له: كيف وجدتهما؟ قال: وجدت جريرا يغرف من بحر، ووجدت الفرزدق ينحت من صخر. فقال الأخطل: الذي يغرف من بحر أشعرهما؛ وقال يفضّل جريرا على الفرزدق:
  إنّي قضيت قضاء غير ذي جنف ... لمّا سمعت ولمّا جاءني الخبر
  أنّ الفرزدق قد شالت نعامته ... وعضّه حيّة من قومه ذكر
  وفي رواية ابن الأعرابيّ «قد سال الفرات به». قال أبو عبيدة: ثم إن بشر بن مروان دخل الكوفة، فقدم عليه الأخطل، فبعث إليه محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة بألف درهم وكسوة وبغلة وخمر، وقال له: لا تعن على شاعرنا، / واهج هذا الكلب الذي / يهجو بني دارم؛ فإنك قد قضيت على صاحبنا، فقل أبياتا واقض لصاحبنا عليه. فقال الأخطل:
  أجرير إنّك والذي تسمو له ... كأسيفة(١) فخرت بحدج حصان
  عملت لربّتها فلمّا عوليت(٢) ... نسلت تعارضها مع الرّكبان
  أتعدّ مأثرة لغيرك فخرها ... وثناؤها في سالف الأزمان
  تاج(٣) الملوك وفخرهم في دارم ... أيّام يربوع(٤) مع الرّعيان
(١) الأسيفة: الأمة. والحدج (بالكسر): مركب من مراكب النساء يشبه المحفة. والحصان العفيفة. ويعنى بها هنا الحرة لمقابلتها للأمة.
(٢) في «ديوان» الأخطل: «حملت». وربتها: سيدتها. وعوليت: رفعت أي حملت على مركب. ونسلت: أسرعت في المشي؛ وقيل:
أصل النسلان للذئب ثم استعمل في غيره.
(٣) رواية «الديوان»:
في دارم تاج الملوك وصهرها
(٤) يربوع: جدّ لجرير.