كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ثابت قطنة

صفحة 428 - الجزء 14

١٨ - أخبار ثابت قطنة

  نسبه

  هو ثابت بن كعب، وقيل ابن عبد الرحمن بن كعب، ويكنى أبا العلاء، أخو بني أسد بن الحارث بن العتيك⁣(⁣١)، وقيل: بل هو مولى لهم، ولقّب قطنة لأن سهما أصابه في إحدى عينيه فذهب بها في بعض حروب التّرك، فكان يجعل عليها قطنة، وهو شاعر فارس شجاع من شعراء الدولة الأمويّة، وكان في صحابة يزيد⁣(⁣٢) بن المهلَّب، وكان يولَّيه أعمالا من أعمال الثغور، فيحمد فيها مكانه لكفايته⁣(⁣٣) وشجاعته.

  فأخبرني إبراهيم بن أيوب قال: حدّثنا عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة، وأخبرني علي بن سليمان الأخفش قال:

  حدّثنا محمّد بن يزيد قال: كان ثابت قطنة قد ولي عملا من أعمال خراسان، فلما صعد المنبر يوم الجمعة رام الكلام، فتعذّر عليه وحصر، فقال: {سَيَجْعَلُ أللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}، وبعد عيّ بيانا، وأنتم إلى أمير فعّال، أحوج منكم إلى أمير قوّال:

  وإلَّا أكن فيكم خطيبا فإنّني ... بسيفي إذا جدّ الوغى لخطيب

  فبلغت كلماته خالد بن صفوان - ويقال الأحنف بن قيس - فقال: واللَّه ما علا ذلك المنبر أخطب منه في كلماته هذه، ولو أن كلاما استخفّني، فأخرجني من بلادي إلى قائله استحسانا له، لأخرجتني هذه الكلمات إلى قائلها، وهذا.

  الكلام بخالد بن صفوان أشبه منه بالأحنف.

  صلاته الجمعة بالناس

  أخبرني محمّد بن خلف وكيع قال: حدّثني أحمد بن زهير بن حرب، عن دعبل بن / علي، قال: كان يزيد بن المهلب تقدّم⁣(⁣٤) إلى ثابت قطنة⁣(⁣٥) في أن يصلَّي بالناس يوم الجمعة، فلما صعد المنبر ولم يطق الكلام، قال حاجب الفيل يهجوه:

  [أبا العلاء لقد لقّيت معضلة ... يوم العروبة من كرب وتخنيق⁣(⁣٦)

  أمّا القران فلم تخلق لمحكمه ... ولم تسدّد من الدنيا لتوفيق⁣(⁣٧)


(١) في ج، ب، س «الفتيك» وهو تحريف. والعتيك كأمير: فخذ من الأزد، وهو العتيك بن الأزد.

(٢) ولي خراسان بعد وفاة أبيه المهلب بن أبي صفرة سنة ٧٢ في خلافة عبد الملك بن مروان، وعزل عنها سنة ٨٦، ولما ولي الخلافة سليمان بن عبد الملك سنة ٩٦ ولاه أمر العراق، ثم ولاه خراسان سنة ٩٧.

(٣) في أ، ب، س: «لكتابته».

(٤) تقدّم إليه في كذا: أمره به.

(٥) في ط، ب «ثابت بن قطنة»، وهو تحريف.

(٦) ما بين مربعين ساقط من ط، مط؛ وقد أثبتناه عن ج، ب، س. ويوم العروبة: يوم الجمعة.

(٧) القران: مسهل عن القرآن.