كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر بديح في هذا الصوت وغيره

صفحة 118 - الجزء 15

١١ - خبر بديح في هذا الصوت وغيره

  صنعة بديح:

  بديح مولى عبد اللَّه بن جعفر، وكان يقال له بديح المليح. وله صنعة يسيرة وإنما كان يغنّي أغاني غيره مثل سائب خائر، ونشيط، وطويس، وهذه الطبقة. وقد روى بديح الحديث / عن عبد اللَّه بن جعفر.

  روايته لخبر يحيى بن الحكم:

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال: حدّثنا العباس بن محمد الدّوري قال:

  حدّثنا أبو عاصم النّبيل⁣(⁣١) عن جويرية بن أسماء، عن عيسى بن عمر بن موسى، عن بديح مولى عبد اللَّه بن جعفر قال:

  لما قدم يحيى بن الحكم المدينة دخل إليه عبد اللَّه بن جعفر في جماعة فقال له يحيى: جئتي بأوباش من أوباش خبثة⁣(⁣٢)؟ فقال عبد اللَّه: سماها رسول اللَّه طيبة وتسمّيها أنت خبثة⁣(⁣٣)؟!

  حيلة عبد اللَّه بن جعفر في رقبة بديح لعبد الملك بن مروان:

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال: قال داود بن جميل حدّثني من سمع هذا الحديث من ابن العتبي يذكره عن أبيه قال:

  دخل عبد اللَّه بن جعفر على عبد الملك بن مروان وهو يتأوّه، فقال: يا أمير المؤمنين، لو أدخلت عليك من يؤنسك بأحاديث العرب وفنون الأسمار؟ قال: لست صاحب هزل، والجدّ مع علَّتي أحجى بي. قال: وما علَّتك يا أمير المؤمنين؟ / قال: هاج بي عرق النّسا في ليلتي هذه، فبلغ مني. قال: فإنّ بديحا مولاي أرقى⁣(⁣٤) الناس منه.

  فوجّه إليه عبد الملك فلما مضى الرسول سقط في يدي ابن جعفر⁣(⁣٥) وقال: كذبة قبيحة عند خليفة. فما كان بأسرع من أن طلع بديح فقال: كيف رقيتك من عرق النّسا. قال: أرقى الخلق يا أمير المؤمنين. قال: فسرّي عن عبد اللَّه لأنّ بديحا كان صاحب فكاهة يعرف بها؛ فمدّ رجله فتفل عليها ورقاها مرارا، فقال عبد الملك: للَّه أكبر، وجدت واللَّه خفّا⁣(⁣٦)، يا غلام ادع فلانة حتّى تكتب الرّقية، فإنّا لا نأمن هيجها بالليل فلا نذعر بديحا. فلما جاءت الجارية


(١) ما عدا ط، ها، مط: «عاصم النبيل». تحريف. وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد الشيباني البصري، ترجم له في «تهذيب التهذيب». وانظر «القاموس» (عصم).

(٢) خبثة، بكسر الخاء، كنى بها عن طيبة مدينة الرسول.

(٣) ما عدا ط، ها، مط: «خبيثة».

(٤) أرقى، من الرقية. ط: «أرقا» أ: «أرقأ».

(٥) سقط في يده وأسقط، بالبناء للمفعول فيهما، أي ندم وتحير. ط، أ، ها: «أسقط».

(٦) الخف، بفتح الخاء وكسرها: الخفة. ط فقط: «خفافا» تحريف.